Foto: Privat
21. أغسطس 2022

دوبامين وتحديات العمل في المجال النفسي!

ليس سهلاً أن نبدأ من جديد، وغالباً ما تكون البدايات صعبة على البعض ومستحيلة بالنسبة لآخرين! كثير منا كانت له حياته في بلده الأم، وحين تركها لم يكن يترك أهله، بيته، حارته وعمله فحسب. بل ترك سنوات خبرته وإنجازاته هناك وعاد لنقطة البداية!

عبد الجليل واحد من كثيرين جاؤوا من سوريا، هناك درس الإرشاد النفسي في جامعة حلب. بدأ مشواره في ألمانيا بمساعدة اللاجئين عن طريق الترجمة في المكاتب الرسمية. ومحاولة تخفيف آلام الغربة وصعوبات التأقلم واللغة والثقافة الجديدة، لكنه قرر أن يبدأ عمله بشكل مهني ورسمي.

سنحت له فرصة دراسة أوسبلدونغ كأخصائي لعلاج اللاجئين، ممن مرّوا بتجارب نفسية قاسية ومازالوا يعانون. كان ذلك بمثابة إعادة هيكلة وتنظيم المعلومات التي تعلمها في الجامعة بشكل عملي. وفرصة لإعادته لطريق الإرشاد والعلاج النفسي بعد سنوات من الانقطاع، قرر بعدها استكمال دراسته وحصل على مقعد دراسي باختصاصه في جامعة لوبيك، وتوظف بنفس الوقت ضمن المشفى الجامعي UKE.

صعوبات اللجوء إلى العلاج النفسي!

من خلال عمله لاحظ وجود ثغرة بما يخصّ العلاج النفسي في ألمانيا: “و لا تتعلّق هذه الثغرة بالاختصاصين الألمان لكنها تتعلق باللغة والثقافة. فأغلب جلسات العلاج النفسي تتم عن طريق مترجم أو وسيط لغوي والذي يتطلب الكثير من المهارات والجهد والوقت” فمدة الجلسة النفسية بشكل عام تتراوح بين ٤٠ دقيقة إلى ساعة! لكن بوجود المترجم يضيع نصف الوقت فقط للترجمة، كما أن المترجم لا يستطيع ترجمة المشاعر والأحاسيس.

هذا ما دفعه مع مجموعة من الأصدقاء الذين يعملون في نفس المجال إلى تأسيس جمعية دوبامين هامبورغ. فالجمعية تهدف إلى: “محاولة رأب هذه الفجوة من خلال جلسات إرشادية باللغة الأم مع أشخاص يتكلمون نفس اللغة ولديهم نفس الثقافة وربما عاشوا نفس التجربة أيضاً. (اقصد تجربة الحرب واللجوء) فمن خلال فهم اللغة ودلالتها ضمن السياق الثقافي والتاريخي للكلمات يمكن فهم الحالة والمشكلة بشكل أفضل”.

هل تعتبر دوبامين قادرة على تلبية الاحتياجات المرجوة؟؟

في الوقت الحالي نقوم كفريق متعدد الجنسيات والثقافات بكل ما نستطيع لمساعدة أكبر عدد من الناس. الذين يبقون لفترة طويلة على قائمة الانتظار! وكل ذلك بشكل تطوعي ومجاني، لأننا لم نحصل على تمويل حتى الآن على الرغم من أننا نعمل بشكل مجاني وفي أوقات فراغنا حتى.

ما الذي أنجزته الجمعية خلال فترة انطلاقتها القصيرة؟

قدّمت الجمعية خلال فترة قصيرة دعماً كبيراً حيث توجد مجموعة دعم وإرشاد نفسي للنساء العربيات ومثلها للأفغانيات. ومجموعة دعم وإرشاد للرجال. كما أن هناك مجموعة يوغا للتخلص من الآلام والضغوط النفسية للنساء. ناهيك عن مساعدة أكثر من ١٣٠ شخص خلال جلسات فردية.
“وهناك الكثير من المشاريع التي يتم التحضير لها حاليا وسوف يعلن عنها على موقعنا”

هل هناك برامج للرجال؟

يرى عبد الجليل وجود الدعم النفسي والاجتماعي أو غيره من أشكال الدعم التي تقدّم للنساء. لكنهم في دوبامين يؤمنون بأن الجميع يعاني من مختلف الضغوطات بدرجات متفاوتة. والكل يحتاج إلى الدعم بمختلف أشكاله  بغض النظر عن الفروق الجنسية والعرقية أو الاتجاهات والاعتقادات سواء الدينية أو السياسية. فالفريق المكون من رجال ونساء يراعي الخلفية الثقافية والدينية للبعض ومجموعات دعم موجّهة للرجال والنساء على حد سواء. “حتى الآن ليس لدينا مشاريع دعم للأطفال، ولكن ربما في المستقبل القريب”

ماهي العلاقة القائمة بين فريق متعدّد الجنسيات وماذا تحتاج دوبامين؟

يؤكّد عبد الجليل أن لا مشكلات شخصية ضمن فريق متعدد الجنسيات، لكن هناك اختلافاً في وجهات النظر. وهذا يمكن حدوثه في أي مجال، ولكن الهدف الذي يجمعنا أكبر.

بينما تكمن المعاناة الحقيقية في مشاكل في التمويل، حيث يعتمد الأعضاء منذ مرحلة التأسيس على التمويل الذاتي. كما أن هناك حاجة إلى مركز خاص ليتمكّنوا من تطبيق كل المشاريع التي يطمحون إليها. “نأمل في الفترة القادمة أن يسلّط الضوء على جهودنا وعلى عملنا من قبل الداعمين سواء من الجهات الحكومية أو الخاصة! فهذه أكبر مشكلة تواجهنا في هذه الفترة”.

كيف ترى مستقبل دوبامين؟

رغم كل الصعوبات في الفترة الماضية وفترة كورونا القاسية استطاع الفريق الصمود. وقدّموا المساعدة للكثير من الناس. “وهذا يدفعنا إلى بذل مزيد من الجهد. فشكر الناس لنا ونظرات الارتياح بعد الجلسات وعند مقابلتهم في الشارع تشكل أكبر حافز لنا! أتمنى أن نحصل على الدعم اللازم ليس من أجل الاستمرار وإنما من أجل أن نكبر أكثر ونصل إلى شريحة أكبر”.

“في النهاية أحب أن أقول للأشخاص الذين يعانون من مشاكل وصعوبات نفسية لا تترددوا في الاتصال أو إرسال بريد إلكتروني، فنحن نقدم الدعم في جو من الثقة والاحترام والتقدير. بغض النظر عن الدين، أو الجنس أو الجنسية”.