Foto: Privat
4. يونيو 2022

مزيج الثقافة اليمنية الألمانية.. تجربة دعاء بالاندماج والتطوع

تجمع دعاء بين الحس العملي الألماني الصارم، والحس الاجتماعي اليمني المكثف! وعلى عكس الآخرين، اندمجت دون صعوبة بالمجتمع الألماني، بينما واجهت صعوبة كبيرة بالاندماج الاجتماعي عند عودتها إلى اليمن وهي بعمر 14 عاما، بعد مغادرتها لها كمولودة في شهرها السادس، ولم تستقر في اليمن (بلدها الأصلي) أكثر من خمسة أعوام لتعود إلى المانيا مرة أخرى.

صدمة ثقافية!

والد دعاء استقدمها إلى المانيا خلال دراسته الطب فيها، وبدأت تعليمها في المانيا، لتكتسب اللغتين الألمانية والإنجليزية بطلاقة، لكن لغتها العربية كانت ضعيفة للغاية، ولم تجدها إلا عند عودتها مع والدها إلى اليمن. أكملت دعاء دراستها الأساسية والثانوية في اليمن بين 2013 و2017، وخلال هذه الفترة مرت بصعوبات عديدة، خاصة في البدايات، حيث تفاجأت بثقافة مختلفة لم تعرفها في ألمانيا، فالشخصية القائمة على الفردانية والخصوصية المقدسة، وجدت نفسها غير قادرة على اكتساب صداقات جديدة في مجتمع لا يمنح الخصوصية هامشا كبيرا، وتقوم ثقافته على التكافل الاجتماعي والأسري بطريقة صدمت دعاء!

وضع دفاعي!

كانت اللغة العربية عائقا أوليا بدراسة دعاء، رغم تعلمها في مدرسة انجليزية تقتصر اللغة العربية على دراسة التربية الدينية واللغة العربية، لكن الصعوبة الأبرز أمامها كانت معاملة الآخرين لها، حيث قاومت الاندماج في مجتمع مختلف ثقافيا ولو كان منبتها الأول، لأنها لم تحتمل التخلي عن هامشها من الخصوصية الذي يتعرض للاكتساح بالمدرسة والمنزل معا.

عاشت دعاء ثلاث سنوات في وضع دفاعي عن ثقافتها الألمانية، قبل أن تكتشف أن ذلك جعلها أكثر عزلة مع محيطها، وبدأت تنظر للأمر من زواياه الإيجابية، حيث أن التكافل الاجتماعي في اليمن ينقذ الفرد من أية مواقف لا يستطيع تجاوزها بمفرده، وهذه ميزة قيمة، جعلت مواقفها أكثر مرونة مع محيطها، وبدأت بتقبل ذلك الضجيج الذي يحدثه أطفال العائلات في زياراتهم، وتتفهم سعة صدور اليمنيين أمامه كميزة إنسانية مضافة لقيمة التعايش المهذب مع الآخر ولو اختلفت معه.

العودة

ورغم نشأتها في المانيا، فقد وجدت دعاء بعض الأمور الجديدة عند عودتها إليها من اليمن، جعلتها تشعر بالغرابة، خاصة مع بدء ممارستها طقوسها الدينية كصيام رمضان، وعدم خروجها للسهر أو الاختلاط في الحفلات الشبابية، كونها لم تعتد ذلك من قبل. لم تكن هذه الأمور ذات أهمية كبيرة، فقد انشغلت دعاء بالمنافسة على مقعد جامعي لدراسة طب الأسنان في هامبورغ، وحصدت أحد المقاعد السبعين التي تنافس عليها خمسة آلاف طالب!

العمل التطوعي المقدس

اللغات الثلاث التي تجيدها دعاء الآن كطالبة جامعية، وخبراتها الاجتماعية المختلفة، عززت علاقاتها بمختلف الجنسيات من زملائها، ورغم ثقل الالتزامات بالتطبيقات العملية الألمانية إلى جانب الدراسة النظرية، فلم تترك العمل التطوعي كاهتمام تقدسه دعاء، فقد ساهمت مع مجموعة شباب من الجالية اليمنية 2020 بتأسيس منتدى ثقافي ينظم ندوات ونقاشات أدبية وثقافية عبر الانترنت، لنقاش كتب جديدة أو نشر الوعي بقضايا معينة، كما يتم تنظيم مسابقات للقصة القصيرة ودورات لغة عربية بجهود ذاتية.

إلى جانب ذلك تهتم دعاء بالتوعية حول العمل النقابي، حيث كانت عضو في اتحاد الطلاب اليمنيين، الذي يُعد دورات ومشاريع مختلفة مثل “دليل الطالب” باللغة العربية لإرشاد الطلاب الراغبين، وهو موجه للطلاب اليمنيين تحديدا، ويخضع للمراجعة حاليا قبل إطلاقه على موقع الاتحاد.

الإرشاد النفسي

طموحات دعاء لا تتوقف هنا، فهي تطمح لتأسيس مدرسة تقوم على منهج خاص تبني فيه شخصية الطالب وتساعده بتطوير مواهبه بدلًا من طمس شخصيته. وفي نفس الوقت، تريد الاستمرار بالعمل التطوعي، خاصة في مجال الإرشاد النفسي، وآليات التفكير الفعال، إذ ترى أن الشخص مهما كان ذكيا، يحتاج لمعرفة الطرق الأنسب للتفكير وتطوير الذات، حتى لا يهدر وقته وجهده بالتفكير والعمل بطريقة خاطئة.

  • إعداد: سماح الشغدري
    شاعرة وصحفية من اليمن