Foto: Jessica Gow/TT NEWS AGENCY/AP/dpa
8. أكتوبر 2023

جائزة نوبل البديلة.. شفاء للخيبة أم مسألة مبدأ!

طوال سنوات، بل عقود سمعنا وقرأنا عن جوائز نوبل. وتناقلنا النوادر حول سعي كثير من المشاهير للحصول عليها. ولعلّ الشاعر السوري أدونيس نال النصيب الأكبر من السخرية. فهو يترشّح بانتظام منذ عام 1988 دون أن ينال جائزة نوبل للآداب. تلك الجوائز التي تعتبر حلماً للكثير وفي العديد من مجالات الحياة، اعتبرها البعض غير عادلة تارة ومسيّسة تارة أخرى. الأمر الذي دفع بهم إلى رفضها كـ جورج برنارد شو وجان بول سارتر وغيرهم.

وفي حين دعا البعض إلى ضرورة تغيير السياسة التي توزّع وفقها الجوائز. اتخذ المؤلّف الألماني السويدي جاكوب فون أوكسكول خطوات واضحة المعالم للتعبير عن استنكاره. ويعتبر أوكسكول محاضراً وصاحب رؤية ومستشاراً حكومياً. كما كان عضواً في برلمان الاتحاد الأوروبي. فما الذي فعله؟ ولماذا؟ وهل تعتبر جائزة نوبل البديلة.. شفاء للخيبة أو مسألة مبدأ؟

جائزة نوبل البديلة!

تولّى أوكسكول فكرة تأسيس جائزة “Right Liveelhood” أو جائزة نوبل البديلة كما يطلق عليها في ألمانيا. بعد أن رفضت مؤسسة نوبل في ستوكهولم دعوته لتكريس جائزة لحماية البيئة ومكافحة الفقر وحقوق الإنسان. فقام ببيع مجموعته الكبيرة من الطوابع. وحصل على عائدات قدرها مليون دولار لينشئ بها مؤسسته الخاصة عام 1980. وكان المطعم الذي استأجره بمثابة موقع لحفل توزيع الجوائز. لكنّ المؤسسة تلقّت دعوة بعد خمس سنوات لمنح الجائزة التي كانت موضع سخرية في البداية في البرلمان السويدي. ومنذ ذلك الحين يكّرم الفائزون هناك كل عام. قبل أيام قليلة فقط من منح مؤسسة نوبل جوائزهم.

الهدف منها!

تهدف جائزة نوبل البديلة إلى تكريم الأشخاص والمبادرات في جميع أنحاء العالم الذين تساهم حلولهم للمشاكل في خلق عالم أفضل وأكثر استدامة. ومع ذلك لا ينبغي أن يتعلق الأمر فقط بالشخصيات الموجودة بالفعل في دائرة الضوء. بل بتسليط الضوء على الأشخاص الذين يحققون أشياء عظيمة دون أن تلاحظهم وسائل الإعلام والسياسة والجمهور.

وتقرر لجنة تحكيم دولية من سيحصل على الجائزة بالإضافة إلى مبالغ مالية قد لا تكون مرتفعة كجائزة نوبل الحقيقية. كما يقوم المانحون من القطاع الخاص بتمويل “جائزة سبل العيش الصحيحة”. وتمنح لجنة التحكيم أيضاً جائزة فخرية لا تعلن عنها كلّ عام تقريباً.

أثر الجائزة

قد يكون أثر هذه الجائزة أبعد وأهم من المال وفق ما تؤكّد عليه المؤسسة والداعمون لها. وهو أن العديد من الفائزين بالجوائز غير المعروفين سابقاً يحققون شهرة عالمية وبالتالي يحصلون على التقدير لعملهم. وبالنسبة لبعض الفائزين بالجوائز فإن الشهرة المفاجئة تحميهم من الاضطهاد. عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان وحماية البيئة وموضوعات مماثلة.

ماذا عن المرشحّين؟

من الجميل أن يستطيع المرء ترجمة مبادئه ومواقفه. لكنّ الأجمل هو الاستمرار وعدم تحييد تلك المبادئ. ولأننا أتينا من مجتمعات لا تمجّد العمل الجماعي، بل وتسعى إلى هدمه وتقويض أركانه. ترون أننا قادرون على التشكيك بالنوايا ببساطة والبحث عن الأسباب غير المعلنة وراء كل عمل. لكنّ بحثي لفت نظري إلى نقطة رئيسية أخرى تميز جائزة نوبل البديلة. وهي أن لكل شخص الحق في ترشيح شخص أو منظمة أخرى للجائزة. وهذا يعني أنه حتى المشاريع غير المعروفة من البلدان النامية لديها فرصة للفوز بالجائزة.

وتنشر المؤسسة إرشادات التقديم على موقعها. ويصل عدد الأسماء المقترحة إلى حوالي 100 مرشح كل عام. يقوم موظفو المؤسسة بفحص المقترحات ثم إحالتها إلى لجنة التحكيم الدولية. واللافت أيضاً أن أحد الأشخاص القلائل الذين لا يحقّ لهم تقديم اقتراحات هو المؤسس جاكوب فون أوكسكول نفسه. فهو عضو في لجنة التحكيم المكونة من اثني عشر عضواً والتي يمكنها فقط أن تقرر منح الجائزة لمرشح واحد أو أكثر.

الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أحد الفائزين بالجائزة!

تبرز أسماء كثيرة وجمعيات ومنظمات عملت في مجالات حقوق الإنسان ودعت إلى المساواة ضمن قوائم الفائزين بهذه الجوائز. ومن بينها الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) الذين نالوا الجائزة عام 2016 تقديراً لجهودهم في إنقاذ الأبرياء. وكان ناشطون سوريون ومنظمات حقوقية وإغاثية سورية ودولية قد رشحوا (الخوذ البيضاء) وأطلقوا حملة تضامن معهم تدعو إلى دعم ترشيحهم نظراُ لجهودهم في مجال حقوق الإنسان.