عن عمليتي الجراحية الثالثة والمشافي! Eman Helal
7. نوفمبر 2022

عن عمليتي الجراحية الثالثة والمشافي!

كان عليّ أن أجري عملية جراحيّة ثالثة، عملية ثالثة في البطن! لكنّها مختلفة عن سابقتيها، فهذه المرّة لم أخرج من المستشفى بطفل ثالث. بل كان جرحاً صغيراً جدّاً والكثير الكثير من الأفكار. كنت أعرف أن إجراء هذه العملية أمر واقع لا محالة واخترت التأجيل لأنعم مع عائلتي بعطلة صيفية ممتعة. لكنّ للقدر رأي آخر! فالعملية أصبحت إسعافيّة وبمساعدة الدكتور القدير “عبد العزيز” بدأت بالإجراءات سريعاً.

هواجس وأفكار

خلال فترة تحضير سريعة للعملية باغتني هدوء أعصاب مفاجئ. فعادة ما تبدأ رحلة أفكار وخيالات تقود غالباً إلى الموت تحت تأثير المخدّر أو بسبب خطأ طبيّ. ويمكن أن يكون سبب تلك الأفكار الدرامية علاقة بما قرأته أو شاهدته سابقاً. لكنّني هذه المرّة لم أشعر بالحاجة إلى ذلك. قد يكون عنصر المفاجأة هو السبب لكنني أكاد أجزم أن وجود الدكتور عبد العزيز كان عاملاً مطمئناً حقّاً. فأنا في أيدٍ أمينة هذه المرّة.

الخوف من اللغة أم العنصرية

زيارة الطبيب هنا في ألمانيا أمر مربك للقادمين الجدُد فعائق اللغة ليس سهلاً أبداً. ووجود المترجم محرجٌ في بعض الأحيان. وما يثير الرعب هو الحاجة إلى البقاء في المستشفى. هذا الخوف يمكن أن يعتري من يقرأ التعليقات التي تنتشر على صفحات التواصل، وهو ما أصابني شخصيّاً عندما كنت أستعدّ لدخول المشفى في المرّة الأولى للولادة. فالحديث عن الإهمال المتعمّد والتواصل السيئ بسبب اللغة أثارا فيّ خوفاً لا يطاق. لكن تجربتي كانت معاكسة تماماً فالممرضات والأطباء تعاملوا معي بلطفٍ وصبرٍ واضحَين.

هذا ما أكّدت عليه أيضاً “نازو” إحدى متابعات صفحة أمل هامبورغ التي تحدّثت عن المعاملة الجيّدة واللطيفة للطاقم الطبّي أثناء علاجها من مرض السرطان. ولأنّها لم تكن تجيد اللغة كثيراً وفّر لها المشفى مترجماً في كثير من الأحيان. ووجّهت للطاقم الطبي تحيّة شكر وتقدير.

على الضفّة الثانية

غير أن هذا الجانب المضيء لا يعني بالضرورة عدم وجود حالات معاكسة. فكثيراً ما نسمع أو نقرأ عن حوادث تعرّض لها المرضى تنبئ بوجود إهمال متعمّد قد يصل إلى حدّ العنصرية أيضاً. كما حدث مع “ندى” التي حكت عن إهمال وإساءة عاشتهما ثلاث مرات. نقلت في إحداها بحالة انهيار عصبي وما يشبه الجلطة القلبية نتيجة تعرّضها لصدمة نفسيّة. حيث تُركت مهملة على سرير في أحد ممرات المشفى بعد أن قامت إحدى الممرضات المبتدئات بتوبيخها والصياح في وجهها “بعد مدّة أدخلوني إلى غرفة غير مخصّصة للمرضى لا جرس فيها لاستدعاء الممرضات وتركوني لساعات دون اهتمام، حتى إن كيس التغذية الوريدية (السيروم) فرغ وبقي معلّقاً في يدي. كنت جائعة وأشعر بالبرد بلا غطاء كما كنت بحاجة للدخول إلى الحمّام”.

اضطّرت ندى بعد طول انتظار إلى حمل كيس “السيروم” والمشي به ببطء لتجد الحمّام. وعندما واجهت الممرضة ادّعت الأخيرة أنها لم تتمكّن من فهم ما قالته لها ندى رغم أنها تكلّمت بلغة ألمانية مفهومة. واستعانت باللغة الإنكليزية أيضاً. وتركتها دون أن تحضر لها غطاء أو طعام. هذه التجربة كما تقول ندى كانت قاسية جدّاً عليها لدرجة أنها قرّرت ألا تعود إلى هذا المشفى: “إن كنت سأموت فأفضّل أن أموت في سريري على الدخول إلى المشفى”

تعميم أم حالات فرديّة؟

لا يمكننا هنا التعميم أيضاً فـ “ندى” نفسها لديها تجربة إيجابية في مشفىً آخر: “اضطررت للذهاب إلى مشفى آخر قريب من محطّة Christuskirche. هناك كانت المعاملة رائعة، وجوه العاملين دائماً باسمة. كانوا قمّة في اللطف”.

قد تقتضي الواقعية منا أن نقارن ما يحدث في المشافي مثلاً بما يحدث في أيّ دائرة رسميّة أو خاصّة هنا. فالعنصرية والإهمال موجودان وعلينا تسليط الضوء عليهما. لكننا لا نستطيع تعميمهما على المجتمع ككل.

إن تعرّضتم لمثل هذه المواقف سواء كانت سلبية أم إيجابية.. يمكنكم مشاركة قصصكم معنا بإرسال رسالة!