Photo: social media
7. مايو 2022

نحن نجونا لكن من يُنقذ البقية!؟

هل نجونا؟ سؤال غالباً ما أتداوله مع نفسي ومع الآخرين. وغالبية الإجابات تكون “نعم نجونا”. وهناك إجابة غالباً ما يرددها أخي المقيم في إنكلترا، “لقد نجونا من الجحيم”. ومنذ أسبوع تقريباً تأكدت أكثر أن هذه هي الإجابة الصحيحة. “لقد نجونا من الجحيم”. وخاصة بعد أن شاهدت مقطع الفيديو الذي نشرته صحيفة الغارديان، حيث يُظهر جندياً من جنود الأسد وهو يطلب من رجل معصوب العينين بالسير تجاه حفرة، وقبل أن يصلها يطلق النار عليه.  لا يوجد كلام يصف كمية التوحش في الفيديو، لكن يمكننا القول إن هذا المقطع ظهر في التوقيت المناسب ليذكّر العالم بأن في هذه البقعة أو “الحفرة” التي تُدعى سوريا، تم ارتكاب مجازر كثيرة، وهذا الفيديو ليس سوى “غيض من فيض”. وأن من يحكم سوريا الآن هم قتلى ومجرمو حرب، وأن العالم تأخّر كثيراً باتخاذ إجراءات قانونية وعسكرية لإنقاذ الشعب السوري من براثن هؤلاء الوحوش.

كان ممكن أن أكون واحداً منهم

كان من الممكن أن أكون واحداً من ضحايا (مجزرة التضامن) أو من ضحايا المجازر الأخرى التي ارتكبت من قبل النظام السوري على كامل تراب الوطن. ولا زلت أذكر (محمد، وأحمد، وعبد الرحمن، وياسر) أبناء جارنا الذين فقدهم واحداً تلو الآخر. كان من الممكن أن أكون بدل أحمد الذي أعدمه الجيش السوري ميدانياً خلال اقتحامه للقرية. كان ممكن أن أكون شادي صديقي الصحفي الذي أنهت حياته قذيفة أطلقها الجيش السوري على بيوت القرية. لكنني نجوت. نجوت بجسدي، لكن ذاكرتي لم تنجُ فما زالت تحمل كل هذه الأسماء وكل هذه الصور، والذكريات الأليمة. إن الحرب هي أبشع وأقذر شيء يقوم به البشر؛ لأنها تترك خلفها دمار، وضحايا، ومفجوعين، وتترك خلفاها الناجين، الذين يحملون كل هذه الذكريات البشعة أينما رحلوا..

متى يتحرك العالم؟

متى يتحرك العالم؟ سؤال بات ساذجاً. لأنه لن يتحرك. سيكتفي بالكلام، وبالمؤتمرات، وبالتصريحات، وبمحاكمة من تصله يد العدالة. أما البقية من المجرمين والمسؤولين الأساسيين عن جرائم الحروب فهم أحرار. ينامون ويحلمون بالمجزرة القادمة، فلا حسيب ولا رقيب. نحن نجونا لكن من ينقذ البقية من براثن الوحوش الجاثمة على صدورهم!؟ نحن نجونا لكن من يعوّض الأهالي المفجوعين!؟

حُماة العدالة

هناك مثل عربي يقول “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها” لكنني أقول العدالة نائمة طوبى لمن يوقظها، طوبى لحماتها من حقوقيين وصحفيين، يعملون بصمت ليظهروا الحقيقة للعالم، وليواجهوا القتلى والمجرمين بجرائمهم ومجازرهم. في المقابل على أصحاب القرار أن يسعوا لتحقيق العدالة. دون تمييز، فقتل إنسان بغض النظر عن لونه ودينه وهويته، هو جريمة كبرى، ويجب أن يأتي يوم يُحاسب فيه القتلة. وإلا سيقودنا المجرمون معصوبي الأعين نحو حفرة تشبه حفرة التضامن، وسيضحكون لأنهم واثقون بعدم وجود عقاب لهم.