Foto: Heifaa Atfeh
26. مارس 2022

دورات الرقص الشرقي.. ثقافات متعددة على إيقاع واحد!

ليس من الغريب هنا في هامبورغ أن تجد أثناء بحثك عن نشاطات ترفيهية إعلاناً يدعوك إلى المشاركة في الغناء، الرسم، العزف أو الرقص. لا أنكر دهشتي حين قرأت الإعلان عن دورة للرقص الشرقي وحين قررت الذهاب كان كلّ ما أفكر فيه هو أن أرصد هذا النشاط وأقوم ببعض المقابلات لأكتب مقالاً عنه. لكنني ما إن وصلت إلى العنوان “غولد بيك هاوس” المركز الثقافي الذي يرعى النشاط تغيّر كل ما خططت له!

الصالة الواسعة

في الصالة الواسعة المخصصة تستقبل الشابة رنيم الرومللي (مدربة الرقص)، السيدات للتحقق من ضرورة اتّباع الإجراءات الصحيّة الخاصة بوباء “كوفيد 19”. وتبدأ الرومللي بالتعريف عن نفسها وتطلب منا أن نتحدّث قليلاً عن أنفسنا. ثم تسرد ببساطة ممتعة معلومات عن أصول الرقص الشرقي وسط اهتمام واضح من السيدات اللواتي ربطن على خصرهن مناديل ملونة استعداداً لجولة الرقص.

قالت رنيم: “ليس عليكنّ أن ترقصن بإتقان، استمعن إلى الموسيقى واتركن أجسادكن لتتفاعل معها والأهم من ذلك أن تتوقفوا عن التفكير في كلّ ما يشغل بالكن، استمتعن فقط”. صدحت الموسيقا في الصالة معلنةً وبدون أي مقدمات ومع أوّل نغمة إيقاع، اتّبعت السيدات حركات المدرّبة التي كانت تفيض نشاطاً وظُرفاً.

أنواع الرقص الشرقي

تقسّم رنيم الجلسة التي تمتدّ لساعتين لا تشعر فيها المشاركات بالملل، لتعطي لمحة عن أنواع الرقص القادم من المشرق فمن الرقص التقليدي والدبكة وتنوّع النغمات، إلى الرقص الحديث السائد في سوريا ومصر وسط تفاعل واضح.

ما الذي يدفع السيدات للمشاركة؟

حين توجّهت بالسؤال لبعض السيدات في نهاية التدريب عن السبب الذي دفعهنّ لحضور درس للرقص الشرقي قالت إحداهن: “أستطيع القول إن ذلك كان جميلاً لقد أحببته، لأن الموسيقا والإيقاع جميلان، لقد قضيت وقتاً ممتعاً”. بينما أجابت إحدى الشابات المشاركات للمرة الأولى: “التجربة رائعة وممتعة، يستطيع المرء أن ينسى كل شيء ويحرّك جسده كما يريد، لقد استمتعت حقاً”.

وقد يكون الأمر أعمق عند بعضهن، فالتجربة ليست مزيجاً بين الحركة والمتعة فحسب، بل هي ثقافة أخرى ترغب إحداهن بالتعرّف إليها: “من الجميل أن نتعرّف على الثقافات الأخرى ونشارك فيها لنستطيع فهمها بشكل أفضل، إنه أمر جيد لمستقبلنا جميعاً معاً”.. وعندما سألتها إن كانت ترغب بتكرار التجربة أجابت بحماس: “طبعاً، مع الرقص الشرقي شعرت بأنوثتي واستمتعت كثيراً”.

مدربة الرقص

سألت رنيم عن فكرة المشروع فأجابتني أنها تحب الرقص وتعتبره نوعا من أنواع الرياضة التي تتيح لها تحريك جسمها بالكامل، لكن الفكرة بالأصل خطرت ببال صديقتها التي لم تكن تعرف الرقص، فبدأت مع جمعية Über den Tellerrand بشكل تطوعي مجاني، ثم وقعت عقداً بالتعاون بين الجمعية وGoldbekhaus لتصبح بشكل دوري 4 ساعات في الشهر.

تضيف: “بالنسبة لي كانت التجربة مهمة لأن للرقص بحسب ثقافتنا الشرقية منظوراً جنسياً أو كما هو متعارف عليه بحسب الثقافات القديمة كعامل مساعد لتخفيف آلام الولادة وغيرها، لكنني أراه خارج نطاق الصورة النمطية للمرأة وهي فرصة كبيرة لتغيير هذه الصورة”.

رقص أونلاين!

أما عن الحضور الكبير للسيدات الألمانيات حدّثتني رنيم: “لدى السيدات فضول كبير لفكرة الزي التقليدي للراقصة وطريقة الرقص وهذا ما يدفعهن للتعرّف إليه وتعلّمه، بالإضافة إلى أنهن غالباً منفتحات على التعلّم وتجربة ماهو جديد”. التجربة لم تكن سهلة في ظلّ توقّف الحياة بسبب كورونا وحالة الحجر الصحي التي فُرضت على كل النشاطات! لكن ذلك كلّه لم يمنعهن من متابعة التدريب عبر تطبيق “زووم” الذي أتاح الفرصة لمشاركة السيدات من عدة مدن ألمانية وأوروبية.

ترى رنيم أن هذا النوع من النشاطات يساعد على فهم ثقافتنا، فهي تحاول دائما أن تشرح أثناء التدريب منشأ الرقص وتاريخه وعراقته كجزء من حضارتنا وتجد تجاوباً من قبلهنّ. وأكثر ما يلفت انتباه المشاركات كما قالت رنيم رؤيتهن لها بالحجاب، وهو الأمر الذي يتغيّر مع رؤيتها وهي ترقص وتتكلّم بالرشاقة نفسها.

  • إعداد: هيفاء عطفة