Photo: Ahmed Hamed
20. أكتوبر 2020

إلميناو.. مدينة منفتحة في “ساحة نفوذ” اليمين الألماني

تمثال للشاعر غوته

(هنا عاش جوته – هنا أحتفل جوته بآخر عيد ميلاد له – هنا كتب جوته قصيدة: أنشودة المتجول ليلاً) ومن باب التندر على هذه اللافتات المنتشرة بالمدينة، تبيع بعض محال الهدايا لافتات مكتوب عليها (جوته لم يكن هنا)! كل ذلك في إلميناو (Ilmenau)، إحدى المدن الصغيرة في ولاية تورنجين، والتي تبعد ساعة بالقطار عن عاصمة الولاية إرفورت! تشتهر إلميناو بأنها واحدة من المدن التي عاش فيها الأديب الألماني الشهير غوته وكتب بعض أعماله هناك. تنتشر صورة سائدة عن الولاية والمنطقة بنفوذ اليمين الرافض لاستقبال اللاجئين، إلا أن المدينة الصغيرة ذات الـ 36 ألف نسمة تعد مختلفة بعض الشيء، حيث فيها حالة من التعددية الثقافية تكسر هذه الصورة السائدة، إضافة لجامعة إلميناو التقنية ذات الـ 7000 آلاف طالب، قرابة 2000 منهم يأتون من خارج البلاد، وأغلب البقية من مختلف أنحاء ألمانيا، ما يساهم بوجود تعددية ثقافية فريدة!

إلميناو.. ميناء آمن لاستقبال اللاجئين

التنوع أحد أبرز اهتمامات الجامعة، حيث تشجع التبادل العلمي واستقبال المزيد من الطلاب الأجانب عبر برامج دراسية للبكالوريوس والماجستير بمختلف المجالات التقنية والإعلام والإقتصاد باللغة الألمانية والإنجليزية، كما تنظم “مبادرة التضامن العالمي بإلميناو” الموجودة داخل الجامعة مهرجان أسبوع الطالب العالمي كل سنتين، تستقبل فيه الجامعة طلاب من مختلف دول العالم. وللتعبير عن حالة التنوع التي تشهدها المدينة، نظم حزب الخضر وحزب اليسار، ومنظمات مجتمع مدني أخرى، مظاهرة للمطالبة باعتبار إلميناو “ميناء آمن” لاستقبال اللاجئين وتوفير مناخ آمن لهم يحترم التعددية ويناهض العنصرية! ورغم ظروف الطقس المتقلب وهطول الأمطار شارك قرابة 100 شخص من سكان المدينة بالمظاهرة. وكانت الدعوة للمظاهرة التي نُشرت على موقع فيسبوك مؤخرًا، أشارت إلى ضرورة التعامل بسرعة في مسألة نقل اللاجئين من الجزر اليونانية، حيث يتعرضون لأوضاع معيشية شديدة القسوة، خاصة بعد احتراق مخيم موريا في الـ 8 من سبتمبر الماضي.

العنصرية ليست بديلاً

وطالب البيان الذي ألقي أثناء الوقفة بأن تتخذ ولاية تورنغن قرار الترحيب باللاجئين على غرار ما فعلته مدن و ولايات ألمانية أخرى، وجاء في البيان: “وافقت عدة ولايات، بما في ذلك سكسونيا السفلى وهامبورغ وبريمن وبرلين على توفير الحماية الفورية للأشخاص من المخيمات اليونانية، ولاية تورينغن مستعدة أيضًا لقبول مجموعة من طالبي اللجوء المعرضين للخطر! تتمتع تورينغن وبلدياتها بقدرات وكفاءات إقامة كافية لرعاية اللاجئين في البلاد لاستيعاب هؤلاء الأشخاص وتحمل المسؤولية الدولية عن اللاجئين”. المتظاهرون رفعوا شعارات مناهضة للعنصرية مثل (العنصرية ليست بديلاً، والعنصرية تقتل)! كما وزعت إحدى المشاركات التي جاءت مع طفلتها الرضيعة مراكب ورقية كتب عليها (الإنقاذ البحري لطالبي اللجوء ليس جريمة).

إسقاط لافتات البديل من أجل ألمانيا

ما سبق لا يعني عدم وجود فكر يميني بالمدينة، فحزب البديل من أجل ألمانيا له حضوره فيها، لكن يمكن الشعور برفض معظم سكان إلميناو للبديل، من خلال نزع الكثير من لافتات الحزب الدعائية والخاصة بالفعاليات التي ينظمها بعد ساعات قليلة من تعليقها! يذكر أن إليمناو أطلقت اسم نيلسون مانديلا عام 2015 على أحد أهم جسور المشاة بالمدينة، كتحية لرمز من رموز مناهضة التمييز والعنصرية في العالم.

Photo: Ahmed Hamed

نص وتصوير: أحمد حامد