Photo: Clker-Free-Vector-Images
5. أغسطس 2020

لبيروت من القلب سلام

أثناء تصفحي لموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” للاطلاع على آخر الأخبار القادمة من بيروت، طالعتني تغريدة لأحدهم مكونة من كلمة واحدة مع هاشتاغ لبنان المتصدر مواقع التواصل الاجتماعي.. الكلمة بالألمانية “warum” أي “لماذا” بالعربية؟ وهو سؤال طبيعي بعد الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت أمس الثلاثاء، مخلفاً دماراً هائلاً على نطاق واسع بالمدينة، و100 قتيل، وآلاف الجرحى، والكثير من الأسئلة أهمها: لماذا؟

كارثة عظيمة

وصف المحللون والإعلاميون الانفجار بالكارثة الإنسانية، وكذلك رئيس الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا كريستيان ليندر، وصف بتغريدة على موقع تويتر ما حصل في بيروت بالكارثة العظيمة، فيما طالب رئيس حزب الخضر السابق السياسي الألماني جيم أوزدميرالحكومة الفيدرالية والمجتمع الدولي بتقديم المساعدة للبنان في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها حالياً. الأمر الذي باتت تعد له الحكومة الاتحادية بحسب الأخبار التي نشرها موقع “شتيرن” بعد ظهر اليوم، بأن المتحدث باسم وزارة الداخلية الاتحادية في برلين قال: “بناء على طلب الحكومة اللبنانية ستبدأ وحدة مكونة من 47 شخصاً من وكالة الإغاثة الفنية المساعدة بإنقاذ الضحايا في بيروت”. لن تقتصر المساعدات للبنان على ألمانيا فقط، فقد بادرت الكثير من الدول بمد يد العون للبلد المنكوب، والذي ضاعف انفجار الأمس من معاناته، في ظل مواجهته لجائحة كورونا، والأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الشعب اللبناني، نتيجة الفساد، والتجاذبات السياسية التي تعصف بالبلاد منذ فترة طويلة.

استهتار يستحق المحاسبة العادلة

أسباب الانفجار حتى الآن  تتمحور حول تفجير ما يقارب 2750 طناً من نترات الأمونيوم المصادرة وفقاً لتصريحات رئيس وزراء لبنان حسان دياب! هذه الأطنان المخزنة في مستودع وسط ميناء المدينة التجاري منذ ست سنوات دون أخذ الاحتياطات اللازمة! هنا تتسع دائرة الأسئلة أكثر، حول المسؤول عن تخزين هذه المواد طوال تلك المدة بمكان استراتيجي وحيوي كمرفأ بيروت، وبالقرب من صوامع القمح التي تزود البلاد بالطحين من أجل رغيف الخبز الذي بات حلماً لعدد كبير من الللبنانين! لماذا هذا الاستهتار والإهمال لأرواح الناس والمدنيين؟ الكثير من الأسئلة تطفو على السطح وسط تخوفات من عدم جدية التحقيقات الحكومية للوصول للمسؤولين عن هذه الكارثة، وعدم الثقة بقدرة الجهاز القضائي والأمني المرتهنين لتيار سياسي، هو بدوره مرتهن لدول خارج الحدود كما يصفه البعض! الأمر الذي دعا محللين وأعضاء في البرلمان اللبناني للمطالبة بفتح تحقيق دولي حول الكارثة!

لبيروت من قلب برلين سلام

لبنان الذي عانى سنين عديدة من الحروب الأهلية والخارجية، يعود إلى واجهة الأحداث مجدداً، بعد هذا الانفجار الذي “سيزيد الطين بلة”، فتبعاته ستكون كارثية على شعب يحاول العيش رغم الفساد الحكومي، والركود الاقتصادي، وتفشي فيروس كورونا الذي بات أكثر تهديداً بعد أن خرجت العديد من المشافي عن الخدمة بسبب آثار الانفجار! وكذلك انقطاع التيار الكهربائي عن مراكز العناية الفائقة وأجهزة التنفس الاصطناعي، ما يعني وجود أخطار متزايدة على مرضى كورونا الذين كانوا يعالجون في تلك المشافي.

ومما يشغلني في هذه الظروف الصعبة هو أن تصل المساعدة للحكومة والمؤسسات التي نخرها الفساد، وبالتالي لا تصل لمستحقيها، ولإعادة بناء ما خلفه انفجار أمس المرعب، لذا برأيي على المجتمع الدولي، وأوروبا بشكل خاص أن تفكر في استراتيجية عملية حتى يتحقق المرجو من هذه المساعدات، لا أن تتحول إلى دولارات تذهب لأرصدة الفاسدين في ذلك الشرق الحزين..

للبنان في قلب كل سوري وعربي وأجنبي بصمة خاصة، تبدأ بصوت فيروز مع فنجان قهوة الصباح، ولا تنتهي عند الثقافة والأدب والحضارة التي يمثلها أو كان يمثلها ما عرف يوماً باسم (سويسرا الشرق).. لبيروت من قلب ألمانيا، وقلب زملائي في العمل وقلبي سلام.. يا بيروت لم يكن الأمر يتطلب انفجارًا مخيفًا لنقول أننا نحبك ونحن معك، تكفي آه واحدة ليتردد صداها في قلوبنا جميعاً..