كجزء من المجتمع الألماني، أطلق العديد من القادمين الجدد مبادرات تطوعية في ظل الظروف الحالية التي تمر بها بألمانيا والعالم ككل، وهي انتشار فيروس كورونا الجديد. معظم القائمين على هذه المبادرات على امتداد ألمانيا شمالاً وشرقاً وغرباً وجنوباً، أكدوا على أن هذه المبادرات التطوعية عبارة عن رد الجميل للمجتمع الألماني الذي رحب بهم، وفتح أبوابه لهم بحسب وصفهم.
Stay home .Berlin – برلين
بعد إقرار الإجراءات الحكومية منذ ثلاثة أسابيع للحد من انتشار فيروس كورونا، أطلق أمجد القرعان مبادرة Stay home .Berlin، وخاصة بعد أن اطلع على أحوال الكبار بالسن في ضوء انتشار الفيروس، وفرصهم المحدودة في الخروج من منازلهم، والتسوق. يقول أمجد لأمل برلين: “من هنا بدأت أتواصل مع الأصدقاء لمشاركة إعلان المبادرة، وهم بدورهم شاركوا الإعلان مع أصدقائهم أيضاً حتى وصلنا إلى 30 شخص تقريباً. ثم تواصلت مع فريق مبرمجين لإنشاء موقع للمبادرة على الإنترنت ليتمكن الأشخاص من طلب حاجياتهم أون لاين”. المنصة تسمح لطالبي المساعدة بكتابة قائمة بالحاجيات المطلوبة، وبعدها يتم التواصل مع المتطوع المتواجد في منطقته، الذي يقوم بشراء الأغراض وتوصيلها إليه. ووفقاً لأمجد الأمر لا يتوقف على شراء المواد الغذائية فقط، بل كذلك الأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية في حال توفرها، وتوصيل طلبات المطاعم أيضاً. هدف أمجد وفريقه التطوعي هو مساعدة الحكومة من أجل تطبيق الإجراءات بشكل سلس، وليبقى الأشخاص في منازلهم، حتى تتمكن الفرق الطبية من القيام بعملها على أتم وجه.
يواجه فريق أمجد صعوبات تتعلق بتأمين الحماية الطبية للقائمين على العمل، حيث يتطلب ذلك مبالغ مالية لتأمين الكمامات والمعقمات، والقفازات الطبية. أما طرق الإعلان عن الخدمات التي يقدمها فريق أمجد فعبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال المناشير الممولة حتى تصل لأكبر عدد ممكن، وكذلك التواصل مع الجمعيات حتى يتم الإعلان عن خدمات الفريق لديهم.
Gemeinsam Gegen Den Virus – برلين
تقدم هذه المبادرة التي أطلقها ناشطون سوريون في برلين عبر الفيسبوك الخدمات ذاتها التي يقدمها فريق أمجد، لكن وبحسب أحمد حورية أحد القائمين على مبادرة Gemeinsam Gegen Den Virus، فإن الفئة التي تستهدفها المبادرة، وهم كبار السنة، أو المصابين بأمراض مزمنة، أو ذوي الاحتياجات الخاصة غالبيتهم ليس لديهم معرفة في مواقع التواصل الاجتماعي، فارتأت المبادرة أن تقوم بطباعة منشور يتضمن الخدمات التي تقدمها، بالإضافة إلى معلومات الشخص المتطوع ويتم بحسب أحمد تعليق هذه المنشورات على بوابة البناية المتواجد فيها المتطوع، مع معلومات التواصل معه، وبالطبع يتم أخذ كل الاحتياطات لتجنب العدوى بالفيروس. ويضيف أحمد: “لم نكتفِ بذلك بل قمنا بوضع الورقة ذاتها مع معلومات التواصل مع الأشخاص المتطوعين في صناديق البريد سواء بالمنطقة التي يسكن فيها المتطوع أو فقط في البناية”.
تجمع الشباب السوري
تهتم المبادرتان السابقتان بتأمين احتياجات كبار السن والمرضى، أما فريق تجمع الشباب السوري الذي كان يقتصر عمله قبل أزمة كورونا على محاور ثلاث وهي، إشراك الشباب السوري في عملية بناء السلام، والتعليم والتنمية، من خلال برامج التعليم الافتراضي للشباب، بشراكة مع منصة كورسيرا للتعليم الافتراضي، والحملات التوعوية. اهتم التجمع بالتوعية بحسب إيهاب بدوي المدير التنفيذي لتجمع الشباب السوري. ويضيف إيهاب: “أصبح تركيزنا أكثر على التوعية، وإيجاد طرق تشجع الناس على البقاء في البيت وكذلك تسليتهم، ونركز أكثر على الكورسات التي تحتاج لمشاركة أون لاين، وعلى التدريبات المسلية والتي تجذب الأشخاص، وتشجعهم على البقاء في البيت لأطول فترة ممكنة، وقمنا بإنشاء مجموعة للطلاب السوريين الذين سيستفيدون من هذه التدريبات، والتي نقدمها مجاناً في حين كانت قبل ذلك مأجورة ومكلفة”: وفيما يخص التوعية فتتم من خلال تصاميم كاريكاتير توضح خطورة الفيروس، وضرورة البقاء في المنزل، والالتزام بقواعد النظافة العامة يساعدهم بذلك رسام الكاريكاتير اليمني أحمد رحمة.
مبادرة القلوب البيضاء في فوبرتال
انطلقت المبادرة بحسب أحد مؤسيسها والمنسق العام للفريق عمار الفحل عام 2017 كبادرة رد جميل للشعب المستضيف بحسب تعبيره، حيث طرح فكرته على صديقة ألمانيا ساعدته في تنفيذها، وقدمت إحدى الجعيات تسهيلات للمبادرة من حيث المكان لعقد الاجتماعات، لترى المبادرة النور، وتصبح مسجلة كمبادرة تطوعية لدى بلدية فوبرتال. حظيت المبادرة وفقاً لعمار المقيم في ألمانيا منذ أربع سنوات باهتمام كبير من فعاليات المدينة، وكذلك من عمدة المدينة من خلال إشراكهم بكافة فعاليات المدينة والاعتماد على فريق القلوب البيضاء ببعض المهام. ويضيف عمار: “المبادرة مفتوحة لكافة الراغبين ولدينا فعاليات مشتركة بشكل دائم مع الألمان والجنسيات الأخرى، بالإضافة لملتقى أسبوعي يجمع القادمين الجدد والألمان ويقوم بأنشطة مشتركة”. ينشط فريق القلوب البيضاء في ظل أزمة كورونا التي تمر على ألمانيا من خلال تقديم عدة خدمات: “دروس أون لاين للطلاب، تجهيز كمامات لصالح المشافي والعيادات، التسوق للمحتاجين وكبار السن، فرق الترجمة للمساعدة بكافة الاحتياجات، وحملات إطعام للمشردين”، ويقوم متطوعون من فريق قلوب بيضاء يعملون بمجال التمريض بالتعاون مع بعض الأطباء بتقديم خدمات طبية ومتابعة منزلية للمرضى لمن بحاجة إليها وتشمل الخدمات أيضاً المساعدة في الترجمة بالمشفى والعيادات إنّ أمكن، وزيارة المرضى للإطمئنان عليهم ضمن مشفى هيليوس الجامعي.
يواجه الفريق بعض الصعوبات بحسب عمار تتمثل بالبيروقراطية في التعامل، حيث طلب الفريق من الجهات المعنية تأمين حماية للمتطوعين كأوراق مرور وقت الحظر، أو دعمهم ببعض الكمامات ومواد التعقيم لضمان عدم إصابة أحدهم، وعدم توفر المواد التي يحتاجونها في صناعة الكمامات، حيث يقومون حالياً بجمع المواد من أعضاء الفريق.
محاربو فيروس كورونا في كولن
في كولن بولاية شمال الراين فيستفاليا، الولاية الأكثر تأثراً بأزمة كورونا، ارتأى صخر المحمد، وصهيب مكّي إطلاق فريق عمل تطوعي، أطلقا عليه اسم “محاربو فيروس كورونا” بحسب صخر أحد مطلقي المبادرة يضم الفريق حتى الآن أكثر من 75 متطوعاً، لا يقتصر الأمر على القادمين الجدد من سوريا، وإنما يعتبر فريق محاربو فيروس كورونا متعدد الجنسيات، الأمر لا ينطبق فقط على المتطوعين، بل على الذين يطلبون المساعدة، فهي بحسب صخر موجهة لجميع الأشخاص من مختلف الجنسيات دون تمييز، والذين يحتاجون للمساعدة لتفادي الإصابة بعدوى فيروس كورونا، وللتغلب عليه في مدينة كولن الألمانية وما حولها. معظم أعضاء الفريق من كولن، و20% منهم من مدن وبلدات محيطة بالمدينة، ويضيف صخر أن الفريق مستقل وغير تابع لأي جهة ويقدم خدمات تطوعية مجاناً. أما الخدمات التي يقدمها فريق المحاربين، فبالإضافة إلى مساعدة كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأشخاص المصابين بكورونا، أو بأمراض مزمنة ولا يستطيعون مغادرة منازلهم للتسوق، يقدم الفريق أيضاً هذه الخدمة للأمهات والآباء الذين لا يستطيعون ترك أطفالهم في المنزل لوحدهم، وللعاملين في المجال الطبي وفي البنى التحتية ممن يعملون لساعات طويلة ولا يستطيعون تأمين حاجياتهم. يضاف إلى ذلك يقدم الفريق خدمة الترجمة سواء في المشافي أو المراكز الصحية وبجميع اللغات، وكذلك الخدمات الطبية، وقد أطلق الفريق موقعاً ألكترونيا لتسهيل العمل في ظل الإجراءات التي تحد من التجمعات تحضّ على التباعد الاجتماعي. يمكن زيارة الموقع من هنا. يقوم الفريق حاليا بتقديم المساعدة للصليب الأحمر بمرافقة وترجمة المقيمين/ ـات بمراكز استقبال اللاجئين، ممن يحتاجون للمرافقة والترجمة أثناء زيارتهم للعيادات والمشافي في كولن.
صفحة سوريي ساربروكن Die Syrier in Saarbrücken
فيما تهتم المبادرات السابقة بالمساعدة العملية على أرض الواقع، اختارت صفحة سوريي ساربروكن على فيسبوك في ولاية سارلاند والتي أُنشئت عام 2015، طريق أخرى للمساعدة في زمن كورونا، من خلال تقديم المعلومة الصحيحة والموثقة للسوريين والعرب المقيمين في ساربروكن. حيث تقوم الصفحة بترجمة الأخبار من الصحف المحلية، وتقديم آخر التطورات في الولاية باللغة العربية. ويقول تميم أبازيد أحد القائمين على الصفحة إن فريق العمل يضم مجموعة من الأطباء والصيادلة الذين يقدمون المشورة والمساعدة بأي وقت قدر المستطاع وضمن القانون الألماني. ويضيف تميم: “تسهم الصفحة حاليا بنشر آخر أخبار فايروس كورونا، وتساعد حكومة الولاية على الوصول الى الجالية العربية الذين لا يستطيعون التحدث باللغة الالمانية بعد، من خلال ترجمة الإرشادات الحكومية والقوانين الطارئة والتوعية الصحية.
Image by Luisella Planeta Leoni from Pixabay