Photo: Amal,Hamburg!
27. مارس 2020

الفائدة في زمن الكورونا!

الكل يتحدث هذه الأيام عن أمرين، الأول أعداد الاصابات بفيروس كورونا! والثاني هو الاجراءات المتبعة في بعض الدول للحد من انتشار الوباء رغم عدم وجود لقاح فعال إلى الآن، حتى أن سوريا البلد التي أتيت منه، فرضت الحظر الصحي! لكن النظام الحاكم هناك، لم يعترف بوجود حالات مصابة بالوباء، فلكل دولة طريقتها بالتعامل مع الأزمة، هذه طريق دول العالم الثالث، لا تعترف بوجود الحالات، بل تتدعي أنها بعيدة كل البعد عن الفيروس، والحقيقة أذهلني تعامل المملكة الأردنية للحد من انتشار فيروس كورونا، ولربما تعتبر المملكة سباقة في هذه الاجراءات الاحترازية، فالجيش الأردني ينتشر منذ يوم الأحد في أرجاء المملكة ويمنع التنقلات والحركة، في محاولة للحفاظ قدر المستطاع على الشعب داخل منازلهم.

الطائرات لرش المعقمات

انتشر الجيش السوري في الشوارع منذ تسع سنوات، لكن ليس لمساعدة الشعب، الجميع يتذكر ذاك اليوم عندما تحركت الدبابات شمالاً وجنوباً لقمع التظاهرات، حتى أن الطائرات شاركت اللحظات الأولى مع تحرك المدرعات، الغريب بالموضوع أن الطائرات إلى يومنا هذا لم تشارك في الحد من انتشار فيروس كورونا، كما تشارك المدرعات والآليات الثقيلة والقوات العسكرية بالحكومات الأخرى، في ألمانيا لفت نظري صديق ألماني وضع مجموعة من “النكت” على صفحته عبر الفيس بوك، جاء في الـ”نكتة” أن أحدهم يتساءل، هل الحظر الصحي المنزلي يجلب المزيد من اللاجئين؟، ويغمز هنا أن الحكومة الألمانية استخدمت الحظر الصحي لجلب المزيد من اللاجئيين إلى البلاد!، ليرد عليه أحدهم مستهزئاً: “نعم حتى أن الطائرات شاركت في جلب اللاجئيين، ولم تشارك في رش المعقمات للقضاء على الوباء”.

الاستفادة من الوقت

المطالعة هي أفضل وسيلة للاستفادة من الوقت الطويل في المنزل، ربما أنسانا ضغط الحياة في بلاد اللجوء هذه العادة الجيدة، رغم أن جميع الحضارات توصي بها، إلا أنه في الغالب لا يقرأ الطالب إلا في وقت الامتحانات، أو لدراسة شيء مهم طلب منه أن يقوم به، شخصياً بدأت أشعر أنني أملك المزيد من الوقت، وبالفعل بدأت أقرأ في غرض الاستفادة من المعلومات العامة عن الأوبئة والفيروسات، ومن هواياتي هي متابعة التلفاز كان هذا سابقاً، لكن الآن تعود تلك الهواية وبقوة، بعد أن حرمت من متابعة التلفاز لعدة سنوات، أصبحت أملك المزيد من الوقت، لمتابعة هواياتي القديمة.

اللعب خير وسيلة للدفاع!

يذهب الأطفال إلى المدارس يومياً من الساعة الثامنة إلى الساعة الثانية بعد الظهر، وأحياناً إلى الساعة الخامسة، لم يكن الأباء والأمهات يعلمون كم يعاني المدرسون من شقاوة ابنائهم، ما كان يراه الأباء هو يوم أو يومين في الأسبوع، فالأب الذي يعمل أحياناً يخرج قبل أطفاله إلى العمل ويعود بعدهم، ونتيجه لانشغاله بتأمين متطلبات الحياة، كان يعتقد أن ابنه ملاك على الأرض، فابنه لا يلعب ولا يصرخ ولا يتصرف اي تصرف خارج عن حدود اللباقة والكياسة، في ظل هذه الأزمة بدأ الأباء والأمهات يتعرفون بشكل جيد على ابنائهم، هم معهم في البيت كل اليوم وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة، أحد الأباء أخبرني أنه بدأ يتعرف على أبنائه حديثاً، وأنه صُدم بشقاوتهم العالية وعدم قدرته على ضبطهم في أغلب الأحيان، حتى راح يطالب أبنائه بأن يلعبو “البابجي” أو أي لعبة على شبكة الأنترنت ليرتاح قليلا!، والمعلوم أن الأباء لا يحبذون لأبنائهم اللعب على الإنترنت! إلا أنه في هذه الفترة العصيبة “اللعب خير وسيله للهدوء” كما قال الأب ممازحاً وضاحكاً.

التواصل مع الأهل مجدداً

بدأت مؤخرًا العمل من المنزل، حالي في ذلك كحال أغلب من يعمل بشكل متواصل ومن غير توقف في مدينة هامبورغ، كالعادة أصحو باكراً أحتسي قهوتي، لكن المختلف في هذا العمل أنني لا استخدم المواصلات العامة ولا أنتظر على موقف الحافلات، العمل من المنزل بدى في اليوم الأول متعب ومرهق بسبب مواصلة عملي من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة التاسعة مساءً دون توقف، كان يوم غير اعتيادي، تم تسجيل العديد من الإصابات بفيروس كورونا في مدينة هامبورغ، وفرض الحظر الجزئي على المدينة، فهذا عملي ويجب أن أحدث الأخبار بشكل مستمر.
ثاني يوم عملت أيضا منذ الصباح، حتى أنني اخذت استرحة قصيرة لتناول شيء يسندني من الجوع، وهنا اتصلت بي اختي لتمطأن على صحتي، طلبت مني أن نتصل بأخي المتواجد في تركيا، وأخي الأخر المتواجد في احدى الدول العربية، كانت اجزاء شاشة الهاتف مقسمة لأربع أقسام، هنا شعرت أنني بين أهلي ونتحدث سوية كأننا بجانب بعض، اطمأنيت عليهم، فهم أيضاً في بلدان تشهد ارتفاع في نسبة الاصابة بفيروس كورونا، اختي المتواجدة شمال سوريا قالت لي: “كم هو مفيد الكورونا، ها نحن نجتمع مرة اخرى كأننا بجانب بعض”، ضحكنا جميعاً وتمنينا لبعضنا السلامة واغلقت الشاشة وعدت للعمل، وأخذت أحدث نفسي، هل فعلا الكورونا فيروس ووباء يفتك بالبشرية، أم هو سبب جديد لنتواصل فيما بيننا ونسأل عن بعضنا البعض!، أترك الجواب على سؤالي لحضراتكم، لربما يوجد عند أحدكم قصة ايجابية، نستيطع أن نقول أنها من “فوائد” الكورونا!!