Photo: Thomas Lohnes -EPD
22. يناير 2020

كم يُنفق الألمان على ملابسهم سنوياً؟

تواجه ألمانيا اشكالية واضحة بتعاطيها مع بعض القضايا، فقد احتفلت برلين مؤخرًا أسبوع الموضة، على الرغم من ارتفاع الأصوات المنادية لمواجهة التحديات والتهديدات البيئية. فألمانيا تُعد من أكثر الدول الأوربية انتاجاً لنفايات النسيج، إذ تُنتج أكثر من 391 ألف طن سنويًا، آتية بعد إيطاليا والتي يبلغ مجموع نفاياتها النسيجية نحو 466 ألف طنًا. كان ذلك نتيجة دراسة أجرتها وكالة ABDC بهدف إظهار كمية الملابس التي تذهب للقمامة كل عام.

يبلغ نصيب الفرد في ألمانيا وسطياً 4.7 كيلوغرام من الملابس التي يرميها كل عام، وتحتل ألمانيا المرتبة السابعة بين أكبر 15 دولة في صناعة الغزل والنسيج أوروبياًبلجيكا في القمة، حيث ينتهي 14.8 كيلوغرام من المنسوجات لكل فرد في سلة المهملات سنوياًتتبعها الجمهورية التشيكية 10.2 كغاسبانيا أكثر استدامة مع ملابسها، فكل مواطن ينتج فقط 2.1 كيلوغرام من النفايات النسيجية في المتوسط ​​سنوياً. وحسب الدراسة، يشتري كل ألماني ملابس جديدة سنوياً مقابل 910 يورو، وهذا يعني المركز السابع في الدول المعنية. أما في النمسا فينفق الفرد 1270 يورو سنوياً، وفي بريطانيا 1150 يورو، إما في إيطاليا 1080 يورو، وقد استندت الدراسة إلى أحدث البيانات المتاحة عام 2016 من المكتب الاحصائي للإتحاد الأوروبي (يوروشتات).

 إعادة تدوير الملابس

أصبح مفهوم الاستدامة موضوعًا رئيسيًا في صناعة الأزياء خلال السنوات الأخيرة، حيث تسعى شركات الملابس الكبيرة لتكون لديها مجموعة دائمة، بحيث يمكن إعادة تدوير الملابس دون التسبب بزيادة التلوث.. على سبيل المثال تنتج C&A وH&M ما يسمى المجموعة الواعية “Conscious Collection”، والتي وفقًا للإعلان، ينبغي أن تساعد في إغلاق دائرة الموضةووفقًا للدراسة، يعاد تدوير جزء صغير فقط من المنسوجات التي يتم التخلص منها، لذلك لا يزال 10% من جميع نفايات النسيج تستخدم بالسوق كملابس مستعملة، ويمكن إضافة 8% إلى دورة الإنتاج من خلال إعادة التدوير، لكن الباقي يتم التخلص منه ببساطة.

مر حتى الآن 7 سنوات على اكتشاف مفهوم الاستدامة لدى الشركة السويدية للملابس H&M، ومنذ ذلك الحين أطلقت الشركة سلسلة الأزياء المسماة “المجموعة الواعية” مرة أو مرتين في السنة، وهو خط أزياء يفترض أن يتم إنتاجه بشكل مستدام، كما يمكن للعملاء إعادة ملابسهم القديمة إلى فروع الشركة لإعادة تدويرها، بحيث يمكن للمرء أن يغلق دائرة الموضة“، لكن هل ما يتم الإعلان عنه على أنه مستدام هو فعلاً كذلك؟ المستشارة البيئية فيرينا باكس قالت لصحيفة تاغ شبيغل عن مجموعة H&M: “في رأيي ليست مستدامة من الناحية البيئية.” ومع ذلك أشادت بالمجموعة التي تنتجها شركة الملابس السويدية باعتبارها خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح، وأوضحت باكس أن المجموعة لا تزال تستخدم الكثير من المواد الكيميائية للتبييض أو الملونات، وبالتالي تتسبب بتلوث الماء والهواء.

استخدام H&M لمواد مبتكرة

ترى H&M الأمر بشكل مختلف قليلاً، حيث أشارت المتحدثة باسم الشركة إلى تجريبهم عدة مواد مبتكرة، ففي العام الماضي استخدمت ألياف النايلون المجددة بنسبة 100% من شباك الصيد وغيرها من النفايات، كما أُضيفت أقمشة مصنوعة من أوراق الأناناس والطحالب وقشر البرتقال هذا العام، وتابعت المتحدثة:الربيع الماضي أطلقنا مجموعة ملابس كانت مصنوعة بالكامل من مواد مستدامة كالقطن العضوي والبوليستر المعاد تدويره”وقد جمعت H&M أيضًا أكثر من 20 ألف طن من المنسوجات لإعادة تدويرها العام الماضي.

في ألمانيا تم جمع 9568 طناً من الملابس منذ بدء مبادرة إعادة التدوير ربيع 2014، واعتبرت الخبيرة البيئية باكس أن إعادة التدوير ليست حلا سحرياً، فليس من السهل فصل مزيج الألياف: “إذا كان القميص مصنوعًا من القطن والبوليستر مثلاً، فهناك حاجة إلى الكثير من المواد الكيمياوية لفصله، وهذه المواد مسرطنة أحيانًا، كما أن المنتجات المعاد تدويرها لن تغير مبدأ الموضة السريعة”، وأضافت باكس: “إعادة التدوير في H&M طريقة جيدة لإقامة اقتصاد دائري، مع ذلك يحصل كل زبون على قسيمة لشراء ملابسه القديمة، الأمر الذي يحفز فقط على زيادة الاستهلاك“! حتى لو صُنعت الملابس بطريقة صحيحة من الناحيتين البيئية والاجتماعية، فإنها لن تدوم لفترة أطول، ولن تكون ذات جودة أعلى وستستخدم لفترة قصيرة جدًا، وبالتالي تُهدر الموارد بحسب باكس.

الملابس المستدامة مرتفعة الثمن!

 يتهم النقاد العديد من العلامات التجارية بالإعلان لمنتجات ذات استدامة والتي ليست بالضرورة كذلك، لذا يطالب دعاة حماية المستهلك بأن يكون مصطلح “مستدام” محمي قانونيًا. وزير التنمية جيرد مولر CSU طالب بوضع ملصق واضح وصريح على جميع المنسوجات المصنعة بشكل مستدام مستقبلاً، ويتعين على الشركات التقدم للحصول على هذه الملصقات، ويتوجب على شركات الجودة مثل TUV التحقق مما إذا كان مقدمو الطلبات يستوفون جميع المعايير الـ 26 على المستوى الاجتماعي والبيئي. لكن هل سيؤثر هذا على السعر؟ تقول جيزيلا بوركهارت، الرئيس التنفيذي لشبكة Femnet، الملتزمة بشروط عمل عادلة: “بالتأكيد، لا يمكن لقمصان مستدامة أن تكلف ثلاثة يورو فقط (..) لكن تكاليف الأجور لا تشكل في نهاية المطاف سوى واحد بالمائة من سعر البيع“.

Photo: Thomas Lohnes -EPD