شارك الفيلم الوثائقي “حمص وأنا” للصحفي وصانع الأفلام السوري سليمان تدمري في مهرجان هامبورغ السينمائي، حيث كان العرض الأول للفيلم وتبعه نقاش بين الجمهور والمخرج إلى جانب فريق العمل.
يبدأ الفيلم بمشهد صوِّر بواسطة طائرة بدون طيّار يظهر مدينة حمص وما حلّ بها من خراب ودمار جراء القصف الشديد الذي تعرضت له من قوات النظام السوري وحلفائه، بالإضافة لحرب الشوارع التي دامت سنيناً، غيرت شكل المدينة وديموغرافيتها.
تنتقل الكاميرا بعد ذلك مباشرة لتنقل المشهد الذي تصوره كاميرا تدمري المعلقة على رقبته، يجوب بها شوارع حمص القديمة المحاصرة على دراجة نارية بسيطة ليوثق ما يحصل.
عن المخرج
بدأ الشاب السوري العشريني دراسة الإخراج في لبنان قبيل انطلاق الثورة السورية، وما لبث أن عاد إلى مدينته حمص، مقرراً حمل كاميرته بدل اكمال دراسته. ينام تدمري في إحدى الليالي عند صديق له بسبب تأخر الوقت مفضلاً عدم العودة إلى بيت عائلته، ليستيقظ في اليوم الذي يليه على خبر محاصرة المدينة القديمة التي يتواجد فيها، لا يبعد عن بيت عائلته سوى مئات الأمتار، ولكنه لا يستطيع الوصول إلى بيت عائلته، فقد فصل الحصار بينهما.
يدور الفيلم في أحياء حمص القديمة، ليوثّق الحياة اليومية للمدنيين هناك، فالكاميرا تلتقط كلّ ما يميز حياة الحصار، ابتداء من تأمين الطعام والشراب، مروراً بالمشافي الميدانية ومعالجة المصابين، وصولاً إلى الجبهات والأنفاق السرية، التي كان يُهرّب عبرها الغذاء والدواء كما السلاح. لا تتوقف الكاميرا عن العمل حتّى وصول الباصات الخضراء المعروفة بسمعتها بالإخلاء القسريّ لسكّان العديد من المناطق السورية. هناك تتوقف الكاميرا عن العمل، عندما تغادر الحافلة حدود حمص وهي تنقل تدمري خارجها، في رحلة هي “الأخيرة” كما يعتقد تدمري الذي تابع قائلاً: “فأنا لا أعتقد أنّي سأعود إلى هناك في السنوات العشرين القادمة”.
نقل حدث مأساوي بطريقة مميزة
ما يميز الفيلم نقله حدثاً مأساوياً بحجم حصار حمص، بطريقة سلسة للمشاهد، فيروي العمل قصة مدينة عبر يوميات مصوره ومخرجه، ولا يظهر الفيلم مشاهد قاسية تملؤها الدماء والجثث، وعن هذا قال تدمري لأمل هامبورغ: “لم أوثق موت الناس في تلك الأيام، فلم أكن قادراً على هذا، وعندما كنت أقوم بذلك، كنت أحذف هذه المواد فوراً لعدم احتمالي مشاهدتها”.
خرج تدمري عام 2014 من سوريا مصطحباً معه كل ما وثقه في سنين الحصار، وبقي حتى العام 2017 لا يستطيع مشاهدة تلك المواد: “لعدم قدرتي على فتح ذاكرة مليئة بالجروح، وبالتحديد ما يخص فقد الأحباب من الأصدقاء والأقارب، لكن عندما بدأت العمل لدى قناة NDR أدركت أهمية إظهار حياة الحصار، وهنا بدأت فكرة الفيلم الذي يروي قصصاً كثيرة وجوانب عديدة من الحياة هناك، فأغلب الناس في ألمانيا تعرف أن في سوريا حرباً، لكن من يعرف كيف عشنا هذه الحرب كمدنيين، وما هو شكل الحياة في ظلها!؟”.
يروي “حمص وأنا” القصة باللغة الألمانية بصوت الممثل الألماني الشهير توم شيلينغ “عند سماعه قصة الفيلم، أصر رغم انشغالاته الكثيرة على المشاركة فيه، وأنا أقدّر له ذلك، أردت استهداف الألمان بفيلمي فما زال ينقصهم الكثير ليتخيلوا الظروف التي عاشها مئات آلاف السوريين المقيمين في ألمانيا حالياً”.
أمّا عن هدفه من صنع الفيلم قال تدمري: “أريد ممن يتسائل بعد عن سبب هجرة السوريين من بلادهم أن يشاهد هذا الفيلم، وثقت يومياتي ويوميات المدنيين حولي ببساطة وعفوية، بالإضافة لتوثيق تهجيرنا القسريّ، وهذا باعتقادي كافٍ ليتخيل الناس ما عشناه وما جعلنا مضطرين للهجرة، غير راغبين بها”.
العروض القادمة للفيلم
سيتم عرض الفيلم يوم الأربعاء 30 تشرين الأول/ أكتوبر ضمن فعاليات مهرجان لوبيك للأفلام، وسيكون متوافراً على شبكة الإنترنت ابتداءً من يوم الإثنين 25 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد عرضه على قناة NDR الألمانية الشمالية، التي أنتجت الفيلم.
Foto by Sulaiman Tadmory