قدمت حكومة برلين – بالتعاون مع وزارة الدفاع وسلسلة من المستشفيات الكبرى، خطة تحت عنوان “الدفاع المدني للمستشفيات”. قُدّمت هذه الخطة إلى إدارات بعض المستشفيات في يوليو/ تموز 2025، لكنها لم تُنشر علنًا لأسباب أمنية. تشمل العناصر الأساسية المخفية ضمن الخطة، على سبيل المثال، كيفية تفادي انهيار الخدمات وسلسلة التوريد في حال وقوع هجوم، آليات توزيع المرضى في ظروف الأزمة، ضمان توفر الطاقة الاحتياطية، والإمدادات الطبية، ووسائل الاتصال، حسب ما جاء في البوابة الرسمية للعاصمة الألمانية.
من الفعل الى ردود الفعل
السيناريو الأكثر قلقًا، كما تبيّن مخططات الخطة، هو حالة تحكّم عسكرية محتملة في برلين، تشمل استقبال جرّاحي الإصابات الحربية، وتحوّل المدينة إلى محور لوجستي لتقديم العلاج للجرحى من مناطق النزاع. أوضحت وزيرة الصحة إينا تسيبورّا أن الخطة لا تهدف إلى الحرب فقط؛ بل تصقل المستشفيات لتكون أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات مثل الفيضانات، أو الهجمات الإلكترونية، أو تفشيات الأمراض، حسب ما جاء في موقع برلينر تسايتونغ.
المستشفيات المستهدفة وأهداف الخطة
في يوليو 2025، قدّمت دائرة الشؤون العلمية والصحة والرعاية في برلين (SenWGP)، بالتعاون مع جمعية مستشفيات برلين (Berliner Krankenhausgesellschaft) ووزارة الدفاع، “إطار عمل دفاع مدني للمستشفيات” إلى إدارات 12 مستشفى مختار في العاصمة. الهدف: تعزيز قدرة المستشفيات على مواجهة حالات الطوارئ أو حتى النزاعات العسكرية. ومن أبرز المستشفيات ذات الصلة هو مشفى Rudolf-Virchow-Krankenhaus (Charité Campus Virchow-Klinikum) ويُعد واحد من أكبر مراكز الأبحاث والعلاج في المدينة، ويصنّف ضمن “مستشفيات الطوارئ القصوى” مع قدرات عالية في العزل وحالات العدوى. لم تُدرج أسماء جميع الـ12 مستشفى، لكن الخطة تشمل المؤسسات الكبرى والموزّعة بشقّها الأكاديمي والتخصصي.
التمويل: ما هو المصدر؟
لم يُكشف تفصيليًا عن مصدر التمويل، لكن من المقرر الاعتماد على أموال من الحكومة الاتحادية (مثل الصندوق الدفاعي) بالإضافة إلى إمكانيات من ولاية برلين نفسها حسب ما جاء في صحيفة تاز . هذا التوجّه يأتي رغم تقليص الاستثمارات في المستشفيات من ميزانية ولاية برلين، ومنها خفض مباشر بقيمة 29 مليون يورو من التمويل الاستثماري لعام 2025، في وقت أن الاحتياج الفعلي هو نحو 500 مليون يورو سنويًا .
هل برلين الوحيدة المعنية؟
نعم، حتى الآن المشروع يقتصر على برلين فقط. لا توجد دلائل تشير إلى تبنّيه في ولايات أخرى، وإن كانت دوافعه – مثل تصاعد التوترات الجيوسياسية ودمج المستشفيات في خطط الدفاع المدني- قد تُحفّز تطبيقه في مناطق أخرى لاحقًا.
المواقف السياسية: من يدعم ومن يعارض؟
الدعم يأتي من حزب SPD (الحزب الديمقراطي الاجتماعي)، حيث تُقاد الخطة من خلال “SenWGP” التي ترأسها إينا تسيبورّا (Ina Czyborra)، وتؤكد أن تعزيز مرونة القطاع الصحي في مواجهة الأزمات مهم لليد العاملة والمواطنين على حدّ سواء. وحزبي CDU و Grünen أيضًا أعربا عن دعمهما لتحسين بنية المستشفيات ضمن المشاريع الصحية الكبرى مثل “مدينة الصحة 2030″، وسبل التعاون بين المستشفيات الحكومية مثل Charité وVivantes. كما أن الحزب الديمقراطي الحر FDP كذلك يدعو إلى تعزيز التدريب وتثبيت الموظفين كجزء من دعم البنية الصحية.
بينما المواقف النقدية أو الحذرة تأتي من حزب اليسار الذي يرفض الاعتماد بشكل مفرط على المنطق العسكري في الصحة، ويطالب بإعادة توجيه التمويل نحو الخدمات الصحية اليومية، مع إرساء نظام تمويل جديد بعيدًا عن آليات “الدفع بحسب الحالة”. كما يرى بعض النقاد أن الاستثمار في جاهزية الحرب يأتي في وقت تواجه فيه المستشفيات أزمات يومية مثل نقص التمويل والطاقة ونقص الطاقم، مما يجعله “تناقضًا واضحًا”.
انتقادات حادة وسط التباين الحاصل
يُشير المعارض ألكساندر كينغ (BSW) إلى تناقض صارخ: بينما تُعاني المستشفيات من مشاكل داخلية مستمرة، يتم تخصيص الوقت والمجهود لوضع خطط استعداد للحرب بدلاً من الاستثمار في تحسين الخدمات الطبية اليومية. ويعتبر ذلك تحوّلاً نحو “منطق الحرب” بدل الاهتمام برفاه المرضى. حيث تبدو من وجهة نظره أن النفقات الموجهة نحو الجاهزية العسكرية كأنها تُعزّز منطق الحماية وليس توفير الضمانات الصحية اليومية المطوّرة. وهناك حاجة لشفافية أكثر حول الخطة، وتوضيح دور حكومة الولاية مقابل جهود الحكومة الاتحادية. بالإضافة للحاجة الملحّة لموازنة الاستثمار بين تطوير خدمات الرعاية الصحية الأساسية، وبين تقوية القدرات الاستثنائية التي تحمي في حالات الحروب والكوارث.
Bild von:Sina Schuldt/dpa
