أمينة سادات مدرّبة كيك بوكسينغ أفغانية. لجأت الشابة البالغة من العمر 27 عامًا إلى ألمانيا مع عائلتها قبل عشر سنوات. وُلِدت ونشأت في إيران، وبدأت هناك تعلّم الكيك بوكسينغ في سن الحادية عشرة، وما زالت تمارس الرياضة القتالية منذ ذلك الحين. في هامبورغ بدأت التدريب بمفردها داخل “الكامب” الذي كانت تعيش فيه مع عائلتها، ثم التحقت بمدرسة للفنون القتالية حيث تعلّمت التايكوندو وأصبحت حكَمَةً معتمدةً في تلك الرياضة. حصلت أمينة على شهادة الأبيتور في هامبورغ، ثم بدأت تدريبًا مهنيًا كوكيلةٍ في مجال التسويق العقاري، وستُنهي دراستها العام المقبل. أسّست منذ عام 2023 كورسًا خاصًا بالنساء فقط لتعلّم رياضة الكيك بوكسينغ في هامبورغ.
كورس مخصص للنساء
تقول أمينة إنها كانت تتدرّب مع الرجال ولم تكن لديها مشكلة في ذلك، لكنها طالما شعرتْ أن عدد النساء اللواتي يرغبن في ممارسة الكيك بوكسينغ أقلّ من الرجال، فبعضهنّ لا يشعرن بالراحة التامة خلال التدريب مع الرجال، ولا سيما النساء اللواتي لديهن أطفال أو النساء المحافظات اللواتي لا يرغبن في التدريب مع الرجال، مما يقلّل فرصهنّ في تعلّم رياضة قتالية. كان هذا الدافع وراء تأسيس كورس مخصص للنساء فقط؛ فالنساء يشعرن براحة أكبر عند التدريب مع بعضهنّ البعض ومع مدرّبةٍ سيدة. المتدرّبات لدى أمينة لسن مسلماتٍ فحسب، بل من خلفيات مختلفة. والمجموعة مختلطةٌ جدًا أيضًا من ناحية العمر؛ إذ توجد متدرّبات في الخامسة عشرة من العمر، وأمّ تبلغ 54 عامًا. وتؤكّد أمينة أن التدريب مناسب للجميع؛ فهناك متدرّبات لديهنّ خبرة أطول وأخريات بدأن التدريب منذ فترة قصيرة.
الفنون القتالية تُعزّز اكتساب الثقة بالنفس
تنصح أمينة النساء عمومًا بتعلّم إحدى الرياضات القتالية مثل الكيك بوكسينغ، قائلة: “لقد رأيتُ تطوّر شخصية النساء اللواتي أدرّبهنّ، وكيف أصبح لديهنّ المزيد من الثقة بالنفس، حيث يستطعن الآن الدفاع عن أنفسهنّ”. وتضيف أن بعض المشاركات في التدريب أخبرنها أنهنّ يشعرن الآن بأمان أكبر إذا كُنّ بمفردهنّ ليلًا أو اضطررن إلى العودة إلى المنزل بعد العمل في وقت متأخر. وتشير أمينة إلى أهمّية الرياضة القتالية بوصفها جزءًا من تعلّم الدفاع عن النفس؛ فهي تعطي النساء القوة للوقوف في وجه من يريد الإساءة إليهنّ، سواء كان ذلك فعلًا معاديًا للإسلام أو محاولةً لسرقة حقيبة.
فالعنف الذي تتعرّض له النساء عمومًا لا يقتصر على الشوارع، بل يحدث في المنزل أيضًا. وهناك نساءٌ قُتلن بسبب العنف المنزلي. ولكن، ماذا لو كانت تلك النساء قادراتٍ على الدفاع عن أنفسهنّ؟ وترى أمينة أنّ كورسًا قصيرًا للدفاع عن النفس لمدة أسبوع أو اثنين ليس كافيًا لاكتساب الثقة بالنفس وتعلّم تقنياتٍ كافية، بل إنّ الانتظام في تدريبٍ مستمر هو ما يحقّق ذلك.
الحجاب ليس إعاقة
تعرّضت أمينة أيضًا لتعليقاتٍ عنصرية بسبب ارتداء الحجاب. تقول: “يعتقد المرء أن تلك الأمور لا تحدث في مجال الرياضة وأنّ الأشخاص أكثر انفتاحًا، لكن هناك دائمًا من يطلق تعليقاتٍ سخيفة ويعتبرها مضحكة، لكنها ليست كذلك”. وخلال دورةٍ تدريبية تجمع جميع مدارس التايكوندو في هامبورغ شارك فيها أكثر من 100 لاعب ولاعبة يتنافسون ويتدرّبون سويًا، تلقت أمينة تعليقًا من لاعبٍ متسائلًا عمّا إذا كانت تستطيع القتال أيضًا من دون حجاب. ضحك الرجل واعتبر الأمر مضحكًا.
لكن في الوقت نفسه، تتذكّر أمينة مواقف جيدة عندما تشارك في تحكيم بطولة للتايكوندو وكيف تنظر إليها السيدات المحجّبات أو نساءٌ أخريات بودّ، أو يلوّحن بأيديهنّ تشجيعًا وإعجابًا بما تفعله. فهناك عددٌ قليل جدًا من الحكمات المحجّبات في هذا المجال. وتقول أمينة: “لديّ الفرصة لأقدّم نفسي كامرأة مسلمة وأُظهر أن الحجاب ليس إعاقة، إذ يعتقد الكثيرون في المجتمع الألماني أن النساء المحجبات لا يستطعن القيام بالكثير من الأشياء لأنهنّ يرتدين الحجاب”.
التعرّض للتمييز عند البحث عن سكن
هناك تحدّياتٌ أيضًا تواجه أمينة في مجال التسويق العقاري؛ إذ ترى خلال تدريبها المهني كيف يتعرّض الباحثون عن سكن، إذا كانوا ذوي خلفيات مهاجرة أو أسماءٍ مسلمة، للتمييز. فتجارب العنصرية الموثّقة عديدة؛ إذ يُدعى هؤلاء الأشخاص لمشاهدة العقارات بنسبةٍ أقلّ من الأشخاص ذوي الأسماء الألمانية. ترى أمينة هذا التمييز وتعتبره مُخيبًا للآمال بدرجة كبيرة، وباعتبارها سيدةً مسلمةً محجّبةً وأجنبيةً، فإن دخولها مجالًا يهيمن عليه الألمان يُعدّ تحديًا آخر. فهي تعرف أنها ستواجه العديد من العقبات حتى تستطيع إثبات قدراتها والعمل في مجال التسويق العقاري بنجاح. كما تحلم بأن تُنشئ شركةً خاصةً بها يومًا ما والعمل لحسابها الخاص.