أثارت الطريقة التي تم بها تداول تداعيات الصراع في الشرق الأوسط داخل المجتمعات الغربية، وخاصة في ألمانيا، جدلاً واسعاً حول التعاطي مع شريحة الشباب المسلم. وفي هذا السياق، حذّر خبراء من مغبة وضع هذه الشريحة تحت “شبهة عامة”، معتبرين أن هذا التوجه لا يمثل خطأً أخلاقياً فحسب، بل هو فشل استراتيجي يخدم مصالح المتطرفين.
خطر التعميم ودفع الشباب نحو التطرف
يرى الخبراء أن وضع الشباب المسلم تحت المجهر في سياق النزاع الإسرائيلي الفلسطيني و”تجريمه” بشكل جماعي يمثل استراتيجية عكسية خطيرة. ويشيرون إلى أن هذا التعميم يدفعهم تحديداً إلى النقطة التي ينتظر فيها الراديكاليون.
وفي هذا الصدد، توضح جامونا أولمان، المديرة التنفيذية للاتحاد الفيدرالي لجمعيات التطرف الديني، أن الأزمات العالمية مثل الصراع في الشرق الأوسط تعمل كـ “محفز” للتطرف. لكنها تؤكد أن العامل الحاسم والأكثر تأثيراً هو “كيفية التفاوض ومناقشة هذه الأزمات هنا” داخل المجتمع المحلي. بمعنى آخر، فإن رد الفعل المحلي وطريقة إدارة النقاش هما من يحددان ما إذا كانت الأزمة ستتحول إلى عامل استقطاب وتطرف وذلك حسب ما جاء في موقع ميغاتسين.
الإحباط: شعور بالتهميش والعداء
لقد ولّدت الطريقة التي أُدير بها النقاش العام شعوراً عميقاً بالإحباط لدى الكثير من المسلمين، وخاصة الشباب منهم. فالتعرض المستمر للشبهة يجعلهم يشعرون بأنهم مستهدفون ومنبوذون وموضع للعداء، ما يؤدي إلى تآكل الثقة بين هذه الشريحة والمجتمع الأوسع. هذا الشعور بالإقصاء والاشتباه العام يفاقم حالة الغضب ويمكن أن يدفع الشباب إلى تبني مواقف انعزالية أو البحث عن تأكيد هويتهم وقضاياهم في بيئات لا تخضع لرقابة المجتمع التقليدي.
الحلول: التعليم المنهجي ومنصات التواصل
للتصدي لهذه المشكلة، يؤكد الخبراء على ضرورة تغيير المقاربة، بدءاً من المنظومة التعليمية. ترى فريدريكه مولر، التي لديها خبرة في برامج الوقاية من العنف، أن معالجة موضوعات معقدة وحساسة كالنزاع في الشرق الأوسط داخل الفصول الدراسية تتطلب “معرفة منهجية كافية ووقتاً كافياً” لتمكين الطلاب من فهم السياقات المعقدة بدلاً من الانزلاق إلى تبسيط الأمور أو تأطيرها بشكل أحادي.
على صعيد آخر، لا يمكن إغفال تأثير منصات التواصل الاجتماعي؛ إذ أشار الخبراء إلى تزايد شعبية شخصيات مؤثرة “إسلاموية” أصغر سناً على منصات مثل “تيك توك”، وهي شخصيات تركز على تنسيقات المحتوى السريعة التي تنجح على هذه المنصة. هذا التحول يشير إلى أن الفشل في تلبية حاجة الشباب إلى نقاش متوازن ومحترم في الفضاءات التقليدية يدفعهم للبحث عن مصادر بديلة للمعلومات، قد تكون بيئة خصبة للأفكار المتطرفة.
إن التحدي يكمن في إجراء نقاش موضوعي ومتوازن حول الصراع في الشرق الأوسط دون الانزلاق إلى فخ التعميم والتحامل. كما أن استمرار وضع الشباب المسلم تحت الشبهة العامة ليس خطأً أخلاقياً فحسب، بل هو فشل استراتيجي يهدد بتضييع جزء من الجيل الجديد ودفعه نحو أحضان التطرف. يجب على المجتمع استبدال سياسة الشبهة بمقاربة تقوم على الاحتواء والحوار البناء والفهم المنهجي للقضايا.
