تستعد مدينة فرانكفورت لاستقبال أكثر من ألف مؤلف وناشر من 92 دولة، وزوار متخصصين من 140 دولة، إلى جانب الحائز الجديد على جائزة نوبل في الأدب، في أكبر تظاهرة أدبية على مستوى العالم. يبدأ معرض فرانكفورت للكتاب يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025، ليفتح أبوابه على مدار خمسة أيام تحت شعار التنوع الثقافي والتبادل الفكري.
من جائزة الكتاب إلى جائزة السلام
افتتحت فعاليات الأسبوع مساء الاثنين 13 أكتوبر بإعلان الفائز بجائزة الكتاب الألماني، إذ فازت دوروثي إلميجر بجائزة الكتاب الألمانية 2025 عن روايتها “النساء الهولنديات”، التي تتناول الاختفاء الغامض لسائحتين في Panama.
أما مساء اليوم، 14 أكتوبر، سيقام حفل جديد كلياً بعد أن كان في السنوات الماضية طويلاً ورتيباً أحياناً. ولم يكشف المنظمون بعد عن تفاصيل الحفل، لكن المتحدث باسم المعرض تورستن كازيمير طمأن الحضور قائلاً إن “احتمال الشعور بالملل أو النعاس يكاد يكون معدوماً.”
يخصّص الأربعاء والخميس (15 و16 أكتوبر) لزوار المعرض من المتخصصين والمهنيين في مجال النشر والكتب، في حين يُفتح المعرض أمام القراء والجمهور العام يومي الجمعة والسبت (17 و18 أكتوبر). أما الأحد 19 أكتوبر، فيشهد تسليم جائزة السلام لتجارة الكتب الألمانية، والتي تُمنح هذا العام للمؤرخ كارل شلوغل تقديراً لالتزامه العميق تجاه أوكرانيا.
الفلبين ضيف الشرف هذا العام
تحل الفلبين ضيفاً على دورة هذا العام بشعارها “الخيال يملأ الهواء”، المستوحى من رواية “لا تلمسني” للكاتب الوطني خوسيه ريزال. تقدّم الفلبين أدباً “متعدد الأصوات” يعكس تنوع الأرخبيل الذي يضم 7641 جزيرة ويتحدث سكانه 134 لغة. سيُعرض أكثر من 60 كتاباً فلبينياً جديداً مترجماً إلى الألمانية، معظمها مكتوب باللغة الإنجليزية، اللغة الرسمية الثانية إلى جانب التاغالوغية. صُمّم جناح الفلبين من مواد محلية مثل الأصداف، الخيزران، وأقمشة الأناناس، وسيضم عروضاً أدبية وموسيقية أبرزها “معارك الفليبتوب”، وهي مسابقات شعرية مرتجلة إلى جانب مشروع “جيبني للقراءة” الذي يجوب شوارع فرانكفورت مزوّداً بالكتب.
ما الجديد هذا العام؟
يشهد المعرض هذا العام انفتاحاً أكبر على الجمهور. فبعد أن كان دخول الزائرين المخصّصين للقراءة محصوراً في عطلة نهاية الأسبوع، أصبح الجمعة (17 أكتوبر) يوماً كاملاً مفتوحاً لعامة الجمهور. كما تُتاح مبيعات الكتب منذ اليوم الأول.
كما تتحول قاعة المهرجان إلى منطقة “لقاء المؤلف”، إذ تمتد على مساحة 5600 متر مربع، يوقع خلالها 84 مؤلفاً كتبهم لمدة 91 ساعة، مع إتاحة فرصة التقاط الصور مع المعجبين. ومن المتوقع أن يستقطب المعرض نحو 20 ألف زائر في هذا القسم.
نقاشات عالمية
تتجسد مهمة المعرض في تعزيز الحوار العالمي في برنامج النقاش “Frankfurt Calling” الذي ينتقل هذا العام إلى مسرح جديد باسم “Center Stage” داخل قاعات المعرض. من أبرز جلساته حوار بين الحائزة على جائزة نوبل للسلام ماريا ريسا والأمين العام السابق لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ حول الأمن والسياسة الدولية.
صناعة الكتب بين التفاؤل والتحدي
بعد نمو بلغ 1.8٪ عام 2024 لتصل إيرادات صناعة الكتب الألمانية إلى 9.88 مليار يورو، شهد النصف الأول من 2025 تراجعاً ملحوظاً. وتوضح كارين شميت-فريدريش، رئيسة اتحاد الناشرين الألمان، أن “الاهتمام بالكتب ما يزال كبيراً، خصوصاً بين الشباب من 16 إلى 29 عاماً”، لكنها تحذر من أن “واحداً من كل أربعة أطفال لا يمتلك مهارات قراءة كافية”.
أدب الأطفال والخيال العلمي
يولي المعرض اهتماماً متزايداً بالأجيال الجديدة. في مهرجان الأطفال، يمكن للصغار خوض تجربة طيران “Spacebuzz One”، هي تجربة محاكاة فضائية، يقودها رائد الفضاء ماتياس ماورر. بالإضافة للجوائز الأدبية مثل TikTok Book Award التي تكرم الأدب الموجه للشباب، إلى جانب قاعات مخصصة للمانغا والقصص المصوّرة.
برنامج المدينة
إلى جانب المعرض الرئيسي، يقام مهرجان القراءة “Open Books” وسط فرانكفورت من 14 إلى 18 أكتوبر، بمشاركة 175 مؤلفاً يقدمون أعمالاً أدبية جديدة في مجالات الرواية والشعر والقصص المصوّرة، وجميع الفعاليات مجانية. كما تشارك مؤسسات فنية عدة في الاحتفاء بالضيف الفلبيني، مثل متحف العمارة الألماني وكونستال شيرن الذي يستضيف معرض الفنانة والمخرجة الفلبينية الكندية ستيفاني كوميلانغ.
مشاركات عربية لافتة
برزت المشاركات العربية بشكل لافت، إذ تشارك عدة مؤسسات ومبادرات ثقافية وأدبية في إبراز اللغة العربية وآدابها على الساحة الدولية. من بين هذه المبادرات، تبرز جائزة محمد بن راشد للغة العربية، التي ستقدم عروضاً تعريفية بمسيرتها ومبادراتها النوعية، لتعزيز حضور الثقافة العربية عالمياً، فيما يشارك مركز تريندز للبحوث والاستشارات ومركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة بعرض إصدارات بحثية ومعرفية تغطي القضايا الاستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية، مع التركيز على نشر المعرفة والبحوث العربية. كما تشارك مبادرة “أصوات عربية” المستقلة، التي أطلقت مرحلة جديدة تشمل أعمالاً أدبية من مختلف الدول العربية بعد أن اقتصرت المرحلة السابقة على الأدب المصري، في خطوة تهدف إلى ردم الفجوة بين الأدب العربي المعاصر وسوق النشر العالمي، وتوسيع دائرة وصول الكتاب العربي إلى الجمهور الدولي.
تذاكر وأسعار
يفتح المعرض أبوابه من 9:00 صباحاً حتى 6:30 مساءً، ويبدأ أول يوم للعامة يوم الجمعة الساعة 10:00 صباحاً. ووفقاً لإدارة معرض فرانكفورت للكتاب، هناك زيادة في رسوم الدخول مقارنة بالعام الماضي، حيث تختلف الأسعار حسب يوم الزيارة، إذ تبلغ 30 يورو يوم الجمعة والأحد و35 يورو يوم السبت، فيما تصل تذكرة عطلة نهاية الأسبوع (من الجمعة إلى الأحد) إلى 59 يورو. كما تُقدَّم تذاكر مخفّضة بسعر 18 يورو لفئات محددة تشمل التلاميذ والطلاب والمتدربين والمتطوعين (FSJler) والأشخاص ذوي الإعاقة بنسبة 50٪ فأكثر والمتقاعدين وحاملي بطاقة فرانكفورت والعاطلين عن العمل. وتتوفر أيضاً تذاكر عائلية بسعر 60 يورو يوم الجمعة والأحد و70 يورو يوم السبت، وتشمل دخول شخصين بالغين مع ثلاثة أطفال كحد أقصى حتى سن 18 عاماً.
التذاكر متاحة مسبقاً فقط عبر الإنترنت، ولا يمكن شراؤها مباشرة في الموقع، نظراً لتحديد عدد الزوار الخاصين. كما أعلنت إدارة معرض فرانكفورت للكتاب، أن الدخول سيكون مجانياً للأطفال حتى سن السادسة، كما يُسمح للزوار المقعدين والزائرين مع مرافقين الدخول دون أي رسوم. وأكدت إدارة المعرض أن هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز الشمولية وتسهيل مشاركة جميع الفئات في الفعاليات الثقافية المرافقة للمعرض.


Bild: Amal, Frankfurt
