حادثة فتاة أوكرانية تثير جدلاً سياسياً واسعاً في ألمانيا.. والمشتبه به عراقي Foto: Swen Pförtner/dpa
4. سبتمبر 2025

حادثة فتاة أوكرانية تثير جدلاً سياسياً واسعاً في ألمانيا.. والمشتبه به عراقي

في منتصف أغسطس، شهدت محطة قطار فريدلاند في ساكسونيا السفلى حادثة مأساوية صدمت الرأي العام الألماني. فتاة أوكرانية تبلغ من العمر 16 عاماً فقدت حياتها بعدما دفعها رجل عراقي، يبلغ من العمر 31 عاماً، أمام قطار بضائع عابر. المشتبه به نقل لاحقاً إلى مستشفى للأمراض النفسية في مورينغن، فيما تتواصل التحقيقات الجنائية.
ووفقاً لموقع NDR هذه الحادثة لم ينظر إليها الشارع كجريمة فردية فحسب، بل كحدث سياسي أثار جدلاً سياسياً واسعاً حول إدارة ملفات اللجوء والترحيل في ألمانيا.
طالب لجوء مرفوض دون ترحيل
التحقيقات أظهرت أن المشتبه به وصل إلى ألمانيا في عام 2022. بعد أشهر، رفض طلب لجوئه وكان من الممكن ترحيله منذ مارس 2024. غير أن محكمة هانوفر الجزئية رفضت طلب السلطات باحتجازه رهن الترحيل، بحجة أن مبررات الخوف من هروبه لم تكن كافية. ورغم تعديل الطلب وتقديم أسباب إضافية، بقي قرار الرفض قائماً دون استئناف. هذه الفجوة القانونية أصبحت موضع انتقاد واسع من المعارضة.

المعارضة تضغط والحكومة في مأزق

فالاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب البديل لأجل ألمانيا يوجهان أصابع الاتهام إلى الحكومة الحمراء-الخضراء في ساكسونيا السفلى. والمطالبات تركز على ضرورة كشف جميع المراسلات بين هيئة الاستقبال الحكومية والمحكمة. أما وزيرة الداخلية دانييلا بهرنس ووزيرة العدل كاثرين فالمان فاختارتا إرسال خبراء إلى البرلمان بدلاً من المثول شخصياً، وهو ما اعتبرته المعارضة “تهرباً من المسؤولية”.

سوابق قضائية وسلوك مثير للقلق

فالمشتبه به لم يكن شخصاً مجهولاً لدى السلطات. وسبق أن أدين بتهمة التعري وحكمته المحكمة بغرامة لم يسددها، ما أدى إلى دخوله السجن لفترة قصيرة. عند خروجه، لم تحتجزه لغرض الترحيل، بل تركته حراً قبل أسابيع من وقوع الجريمة.

مقارنة صارخة: من يُرحَّل ومن يبقى؟

بالتزامن مع هذه الحادثة، أثارت مقالات الرأي—ومنها مقال الزميلة سماح الشغدري—مفارقة لافتة. بينما بقي طالب لجوء مرفوض وذو سوابق في ألمانيا حتى ارتكب جريمة قتل، نجد حالات أخرى لأشخاص رحّلتهم الحكومة رغم اندماجهم في المجتمع.
ومن بين هذه الحالات قضية الطالب العراقي رمزي أوات نبي (24 عامًا)، الذي جاء إلى ألمانيا منذ سبع سنوات، تعلم اللغة، حصل على شهادة الثانوية العامة Abitur بمعدل 1.5، ودرس تكنولوجيا البناء والطاقة. كان على وشك التخرج والمساهمة في سوق العمل الألماني، لكنه رُحل إلى العراق بسبب شكوك إدارية حول هويته. محاولات محاميه لوقف القرار باءت بالفشل.
المفارقة بين الحالتين تثير تساؤلات عميقة: لماذا يبقى من يشكل خطراً محتملاً بينما يرحَّل من يحقق نجاحاً أكاديمياً ومهنياً؟ هذه الازدواجية تقوض الثقة في عدالة نظام اللجوء وتكشف تناقضاً بين خطاب الاندماج الرسمي والسياسات التنفيذية على الأرض.

البعد الإنساني والسياسي

بالنسبة لعائلة الفتاة الأوكرانية، القضية تعني خسارة لا تعوّض. وبالنسبة لزملاء رمزي أوات نبي في الجامعة، الترحيل يمثل كسراً لوعود الاندماج التي قطعتها الدولة. وبين الحالتين، يجد المواطن الألماني نفسه أمام صورة مشوشة: دولة غير قادرة على ترحيل من تراه خطيراً، لكنها سريعة في إبعاد من يلتزم بالقوانين.

إلى أين تتجه السياسة الألمانية؟

حادثة فريدلاند قد تدفع إلى إعادة النظر في صلاحيات المحاكم فيما يتعلق باحتجاز طالبي اللجوء المرفوضين، وربما تشديد القوانين المتعلقة بخطر الهروب. لكن الأصوات المتزايدة تدعو إلى سياسة أكثر توازناً تحمي المجتمع من المخاطر الحقيقية دون التضحية بالمندمجين والمؤهلين.

 

Amal, Hamburg!
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.