يواجه اللاجئون القادمين إلى ألمانيا صعوبات كبيرة، من تحديات اللغة والثقافة إلى البحث عن فرص التعليم والعمل، إلا أن خمس قصص ملهمة تبرهن أن الإرادة والمثابرة قادرتان على تحويل العقبات إلى فرص للنجاح والاندماج. كل واحد من هؤلاء اللاجئين قدم نموذجاً حياً على كيفية تحويل التحديات إلى فرص للنمو الشخصي والاجتماعي في المجتمع.
من اللاجئة إلى ناشطة حقوقية
وصلت من سوريا إلى ألمانيا على كرسي متحرك. واليوم تعمل في مجال حقوق الإنسان وحقوق ذوي الإعاقة، وشاركت في منتديات دولية ومجلس الأمن. نجين مصطفى، امرأة طموحة مثابرة من
سوريا. بدأت رحلتها في ألمانيا من الصفر: دون لغة، دون معارف، ودون عائلة، وكانت قاصرة حين تولى مكتب رعاية الشباب رعايتها ودعم تعليمها وصحتها النفسية والاجتماعية. بدأت مدرستها، وساعدها زميل أردني على تجاوز حاجز اللغة، لتصبح اللغة الألمانية جسراً نحو حياة جديدة. لم تكن مجرد رقم إداري في مسكنها، بل شاركت في أنشطة ثقافية ورياضية وأبدت اهتماماتها وهواياتها.
تنصح القادمين الجدد بـ التحلي بالصبر، المشاركة المبكرة في الحياة اليومية، تعلم اللغة، تجنب مقارنة أنفسهم بالآخرين، وفهم أن النجاح لا يقتصر على الشهادات، بل يُقاس بالقدرة على بناء مستقبل مستقل وفعّال.
الطموح والتعليم مفتاح النجاح
“تحديد الأهداف، الصبر، تعلم اللغة، والحفاظ على التوازن بين الثقافة الأصلية والانخراط في المجتمع الجديد”، هذا ما نصح به محمد وحيد البرزاوي القادمين الجدد إلى ألمانيا لتحقيق اندماج ناجح. ولد محمد وحيد البرزاوي في دمشق، ووصل إلى ألمانيا في سن السادسة عشرة. أنهى الثانوية العامة وتخرج مؤخراً من مدرسة التمثيل، ويعمل اليوم في المسرح والسينما.
يقول وحيد إن وجود هدف واضح منذ البداية ساعده على تعلم اللغة بسرعة والتغلب على التحديات. كان الحفاظ على جذوره الثقافية والمشاركة في المجتمع الألماني أمراً محورياً، إذ عزف العود واستمع للموسيقى العربية، وفي الوقت نفسه كوَّن صداقات مع الألمان وشارك في أنشطة اجتماعية.
الرياضة جسر للاندماج
رضا مروت، 24 عاماً من أفغانستان، وصل مع عائلته في صيف 2015 إلى ألمانيا. التحق بمدرسة Waldorfschule في هامبورغ، وأكمل جميع المستويات الدراسية، ويدرس اليوم إدارة الأعمال بنظام التعليم المزدوج.ويشير رضا إلى أن الانضمام إلى نادي الملاكمة FC St. Pauli لم يكن مجرد ممارسة رياضة، بل وسيلة لبناء صداقات، تحسين اللغة، والانخراط في المجتمع. ويؤكد أن التواصل المبكر مع الألمان، المشاركة في الأنشطة المجتمعية، والاستمتاع بالرحلة التعليمية، كلها عناصر أساسية للاندماج الناجح.
التعليم والعمل أساس الاستقرار
المرأة ذات الخمسين عاماً، الحاصلة على شهادة جامعية في التربية والتعليم، تؤكد على عناصر أساسية للاندماج وتروي رحلتها في ألمانيا.
وصلت سهى زهرة إلى ألمانيا عام 2015 وتعمل اليوم كمعلمة في حضانة أطفال في ماينز. تؤكد زهرة أن الدعم الذي تقدمه الدولة والمجتمع في مجالات الإسكان والرعاية الصحية والتعليم والتدريب كان حاسماً لنجاح اندماجها، مشددة على أن اللغة هي المفتاح الأساسي للاندماج. تقول زهرة: “اللغة هي مفتاح البلاد، وبدونها لا يمكن للوافد الجديد الانخراط في المجتمع أو تحقيق النجاح الشخصي”.
التغلب على الصعوبات القانونية والاجتماعية
محمد إسحاق فياض، 58 عاماً من أفغانستان، وصل إلى ألمانيا بعد رحلة طويلة عبر تركيا وأوروبا.
واجه صعوبات في التسجيل بدورات اللغة والاعتراف بالشهادات. ساعدته الجمعيات غير الرسمية على التعلم والتكيف، مؤكداً على أهمية معرفة قوانين ألمانيا واحترامها، وتعلم اللغة، والتكيف مع المجتمع المتعدد الثقافات.
جمع هذا النص بناءً على مقابلات وتقارير أعدها كل من روني دارويش، سوزان نصرى، نيلاب لانغار، سونا سحر، وسماح الشغدري.