قبل عشر سنوات قالت ميركل عبارتها الشهيرة: «wir schaffen das» أي «سننجز ذلك». لكن ماذا حدث منذ ذلك الحين في قانون اللجوء؟ وأين تقف الحكومة الاتحادية اليوم؟
شكّل تغييران حكوميان في ألمانيا، وحرب في أوروبا، وتغييران في السلطة في الشرق الأوسط، سياسة الهجرة في السنوات الأخيرة. فبدلاً من شعار «بإمكاننا فعل ذلك» أصبح توجه الحكومة نحو الرغبة في مزيد من النظام والسيطرة. ويعني ذلك منح عدد أقل من الأشخاص الحماية في ألمانيا، وترحيل المزيد. فكيف تعاملت الحكومات الاتحادية المختلفة مع اللاجئين القادمين من سوريا وأفغانستان وأوكرانيا؟
تعليق إجراءت اللجوء للسوريين
قُبلت جميع طلبات اللجوء تقريباً من السوريين في ألمانيا لفترة طويلة حتى نهاية عام ٢٠٢٤ (كانون الأول/ديسمبر)، حيث سقط بشار الأسد. ومنذ ذلك الحين علّق المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (BAMF) مراجعة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين. وكانت حكومة شولتز قد أكدت رغبتها في ترحيل المجرمين أو الأشخاص الذين يشكّلون تهديدات محتملة إلى سوريا. إلا أن هذا لم يحدث حتى نهاية حكمه، كما لم يحدث في عهد حكومة ميرتس الحالية.
ماذا حدث في ملف أفغانستان ، الوعود مقابل الحقيقة
في آب/أغسطس ٢٠٢١ استولت حركة طالبان على السلطة في أفغانستان. ووعدت الحكومة الاتحادية لاحقاً بتوفير الحماية في ألمانيا للموظفين المحليين الذين عملوا لديها ولغيرهم من الأفغان المعرضين للخطر بشكل خاص. أطلقت حكومة أولاف شولتز حينها برامج مختلفة وتعهدت باستقبال نحو ٤٥ ألف شخص.
مع نهاية حقبة شولتز، كان لا يزال ٢٥٠٠ شخص ممن حصلوا على قبول ألماني ينتظرون الحصول على تأشيرة لدخول ألمانيا في باكستان. واضطر المقبولون في تلك البرامج الموعودة للسفر إلى باكستان وعمل مقابلات من أجل إجراءات التأشيرة لعدم وجود بعثة دبلوماسية ألمانية في أفغانستان. ومنذ عام ٢٠٢٣ (كانون الثاني/يناير) يُجري ممثلون عن الشرطة الاتحادية ومكتب الشرطة الجنائية الاتحادية والمكتب الاتحادي لحماية الدستور، مقابلات أمنية إضافية مع المتقدمين.
عهد ميرتس
خلال الانتخابات الاتحادية مطلع العام الحالي (كانون الثاني /يناير) عُلّق برنامج القبول، حيث وعد حزب CDU بإحداث تغيير جذري في سياسات الهجرة. فتم تعليق إجراءات القبول وإلغاؤها بشكل تدريجي قدر الإمكان.
وقبل أن تتخذ الحكومة الاتحادية الجديدة قراراً في هذا الشأن، قضت محكمة برلين الإدارية في أكثر من ٢٠ قضية بإلزام وزارة الخارجية الألمانية بإصدار تأشيرات لمن ينتظرون. أما مصير الأشخاص الآخرين فلا يزال غير مؤكد.
سياسة الترحيل مشددة
تحول المناخ العام من سياسة القبول إلى الترحيل. ففي صيف ٢٠٢٤ (تموز/يوليو) أرسلت حكومة شولتز أول دفعة من المُرحّلين إلى كابول، وأقلّت الطائرة حينها ٢٨ رجلاً أفغانياً ممن ارتكبوا جرائم أو يشكلون تهديداً للأمن الألماني. واتُهمت الحكومة وقتها بأن الرحلة كانت حيلة انتخابية.
وبعد ذلك لم تتم أي عمليات ترحيل إلا في عهد حكومة ميرتس الحالية. ففي تموز/يوليو) ٢٠٢٥ رُحّل ٨١ رجلاً أفغانياً آخرين. يُشار، وبحسب تصريحات حكومية، إلى أن الحكومة لم تتفاوض مباشرةً مع طالبان خلال عمليات الترحيل، ولعبت قطر دور الوسيط بين برلين وكابول.
ماذا عن اللاجئين الأوكران؟
في شباط/فبراير٢٠٢٢ بدأت الحرب الروسية في أوكرانيا، واستقبلت ألمانيا أكثر من مليون أوكراني. مُنح الأوكرانيون آنذاك حق إقامة شامل يسمح لهم بالعمل فوراً، ولم تطبق عليهم قواعد قانون اللجوء.
وحصل الأوكرانيون الذين لم يتمكنوا من العثور على عمل على «إعانة المواطن» وليس «إعانة طالبي اللجوء» الأقل. حتى أصدرت حكومة ميرتس الحالية قراراً بحصول اللاجئين الأوكرانيين – الذين دخلوا ألمانيا بعد الأول من نيسان/أبريل ٢٠٢٥ – على إعانة طالبي اللجوء، وذلك لتخفيف عبء النفقات الباهظة التي تحملها صندوق الضمان الاجتماعي منذ عام ٢٠٢٢. بينما يريد ماركوس زودر – رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري – تطبيق القرار على جميع الأوكرانيين اللاجئين في ألمانيا، وليس فقط القادمين حديثاً.
إعادة فرض الرقابة على الحدود
أثناء فترة تواجدها في وزارة الداخلية في عهد شولتز، وسّعت نانسي فيسر وزيرة الداخلية الألمانية السابقة نطاق الرقابة على الحدود الألمانية بشكل تدريجي منذ عام ٢٠٢٣ (كانون الأول/ديسمبر). وكانت الحدود مع النمسا تخضع لضوابط مستمرة منذ عام ٢٠١٥ لأسباب متباينة.
ومنذ منتصف أيلول/سبتمبر ٢٠٢٤ أُعيد فرض الرقابة على جميع الحدود. وفي يوم تولي حكومة ميرتس زمام السلطة، أصدر وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبريندت قراراً بتشديد الرقابة أكثر على الحدود ومنع طالبي اللجوء من الدخول. بعد بضعة أسابيع، قضت محكمة برلين الإدارية بأن هذا القرار مخالف للقانون الأوروبي.
النص باللغة الألمانية هنا