منذ تعليق الخدمة العسكرية الإلزامية عام 2011، فقد الجيش الألماني جزءًا من خبرته وبنيته الهيكلية، فيما بقيت الحاجة إلى قوة احتياطية فاعلة قائمة. ومع تصاعد التحديات الأمنية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، باتت مسألة إعادة بناء القدرات الدفاعية أولوية ملحّة.
ما هي “خدمة الدفاع الجديدة”؟
أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون يتضمن حزمة تدابير لتعزيز جاذبية الخدمة العسكرية. أبرزها استبدال نظام “الخدمة العسكرية التطوعية كخدمة مدنية خاصة” بوضع جديد هو “الجندي المؤقت”، بما يتيح تحسين الرواتب والمعاشات. يهدف هذا النظام إلى تعزيز قوة الاحتياط وزيادة عدد الجنود المؤهلين، خاصة من بين المجندين الجدد.
كما يمنح المشروع مرونة أكبر للراغبين في الخدمة، إذ يمكن تحديد مدة الالتزام ابتداءً من 6 أشهر وحتى 23 شهرًا، أو فترات أطول تصل إلى 25 عامًا وفق المؤهلات والحاجة. كما يفتح المجال لاحقًا للتحول إلى مسار الجندية المهنية. ويتضمن القانون أيضًا تحديثًا لنظام التسجيل العسكري، بحيث تنتقل مسؤوليته من البلديات إلى إدارة القوات المسلحة الألمانية (البوندسفير).
المدة والمزايا
يقضي النموذج المقترح بإرسال استبيان إلكتروني إلى الشبان عند بلوغهم 18 عامًا لتقييم استعدادهم ومهاراتهم. المشاركة للنساء تبقى اختيارية بالكامل لغياب أي التزام دستوري. تبدأ الخدمة الأساسية بستة أشهر، مع إمكانية التمديد حتى 23 شهرًا. وتشمل الحوافز مساعدات مالية، منحًا دراسية، دعم الحصول على رخصة قيادة، إضافة إلى تسهيلات في المسار التعليمي أو المهني.
أهداف القوة الاحتياطية
تسعى الحكومة إلى بناء احتياط قوي يضم 260 ألف جندي من أصل 460 ألف بحلول عام 2029. ويُتوقع أن يجذب النظام الجديد ما بين 25 و30 ألف متطوع سنويًا. ويعتمد النموذج على الانتقائية بحسب الكفاءة والاحتياجات، بدلًا من التعبئة الشاملة السابقة، ما يعزز الاحترافية ويحول الخدمة إلى فرصة للتعلم والتطوير، لا إلى عبء إلزامي.
المواقف السياسية
أُقرّ المشروع دون الحاجة إلى تعديل دستوري، فيما أكد المفتش البرلماني العام أن النظام الحالي غير كافٍ لمواجهة الضغوط الأمنية. في المقابل، شدد المستشار الألماني على أن العودة إلى الخدمة الإلزامية بنمطها السابق غير مطروحة، مؤكدًا أن التركيز سيكون على التطوع والتطوير.
يرى مؤيدو المشروع أن “خدمة الدفاع الجديدة” تمثل صيغة وسط بين متطلبات الأمن والديناميكيات الاجتماعية، إذ تزاوج بين الحوافز الفردية والقدرة على استدعاء قوة احتياطية جاهزة. وفي ظل التوترات الجيوسياسية الراهنة، قد يشكّل هذا النموذج الهيكل الدفاعي المرن والمستدام الذي تحتاجه ألمانيا.