يسعى وزير الدفاع الاتحادي بوريس بيستوريوس لجعل القوات الألمانية “جاهزة للحرب”. في حالة قيام روسيا بمهاجمة الناتو بعد أوكرانيا! ولتحقيق هذه الغاية، يخطط الوزير المنتمي للحزب الديمقراطي الاشتراكي لإصلاح كبير في الجيش الألماني، والذي سيعرضه غدًا على الحكومة الاتحادية.
بيستوريوس وجيش المستقبل الألماني
وكانت مجموعة عمل متخصصة في وزارة الدفاع الاتحادية، قدمت اقتراحاتها للوزير بيستوريوس. لإعادة هيكلة قوة البلاد تحت عنوان “الجيش الألماني للمستقبل”. وتتضمن الاقتراحات الذي لم تُنشر رسميًا بعد: “ليس هناك ما هو مطلوب أقل من إعادة تنظيم الجيش الألماني (..) يجب أن تكون القوات الألمانية قادرة تمامًا على الدفاع الوطني وبتقنيات حديثة، وفي نفس الوقت أن تكون قادرة على تقديم مساهمات فعالة في إدارة الأزمات الدولية والاستعداد للأزمات الوطنية”.
قوات ليست للدفاع المحلي!
اتسم العقدان الماضيان بالنسبة للجيش الألماني، بمهام مشركة في حل الأزمات الدولية، كمشاركته في أفغانستان أو مالي. وكان لا بد من تجهيز الجنود الذين أرسلوا إلى الخارج، مع التغاضي عن النقص الحاصل بالمعدات وعدد الأفراد بالوحدات العسكرية داخل البلاد. لم تكن القوات الألمانية تهدف بالمقام الأول إلى الدفاع عن أراضي الناتو أو حتى ألمانيا نفسها! وكان التركيز على الأزمات عند أطراف أوروبا. والتي لا يمكن أن يكون لها تأثير على الوضع الداخلي، إلا في شكل صد الهجمات إرهابية، أو مواكبة تحركات اللاجئين.
الخطر القادم من بوتين
ولم يلعب سيناريو شن حرب على ألمانيا أي دور حتى الآن في التخطيط العسكري الألماني. وكانت الطلقة التحذيرية الأولى هي ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014. ورغم ذلك، لم تستخلص ألمانيا أي عبرة من التصرف الروسي وقتها. لقد أظهر الهجوم الروسي على أوكرانيا قبل عامين أخيرا للاستراتيجيين العسكريين الغربيين مدى إغفالهم للتهديد الذي يمثله حاكم الكرملين فلاديمير بوتين.
التصدي لروسيا أولوية
يفترض الجيش الألماني الآن أن روسيا كان بوسعها أن تعيد تسليح نفسها في غضون خمس سنوات، إلى الحد الذي قد يجرؤ فيه بوتين على مهاجمة حلف شمال الأطلسي. بالنسبة للقوات الألمانية، هذا يعني أن شغلهم الشاغل اليوم، هو بناء القدرة على الردع والدفاع عن البلاد، كما تقول ورقة الإصلاح الصادرة عن وزارة الدفاع الاتحادية. والمهمة الأساسية هي الدفاع ضد دول مثل روسيا.
وهذا يعني وفق وزارة الدفاع الاتحادية: “الاستعداد والقدرة في جميع الأوقات على إجراء ردود فعل عسكرية متسقة وفعالة على الهجمات التقليدية ضدنا وضد حلفائنا، ولكن أيضًا للدفاع ضد التهديدات الهجينة”. ولتلبية متطلبات الردع، يجب أن يكون الجيش الألماني ككل موجه نحو الاستعداد لحالات الطوارئ.
إصلاحات مؤلمة لكن ضرورية
مجموعة العمل العسكرية المتخصصة، اقترحت إصلاحًا كبيرًا على الوزير بيستوريوس، ما أدى لخلط أوراق الوزارة. فبدلاً من المناطق التنظيمية العسكرية الستة الحالية، سيكون هناك أربعة فروع للقوات المسلحة في المستقبل: بالإضافة إلى الفروع التقليدية للجيش والقوات الجوية والبحرية، سيكون هناك فرع للقوات المسلحة متلق بالفضاء السيبراني والمعلوماتي.
ستدمج رئاسة القيادة العملياتية المسؤولة عن المهمات الخارجية، ورئاسة القيادة الإقليمية المسؤولة عن العمليات المحلية في قيادة العمليات الجديدة للجيش الألماني. وستدمج الخدمات الطبية السابقة، ولوجستيات القوات والمناطق الأخرى، في قيادة دعم جديدة. ومن غير المؤكد حتى الآن ما إذا كان الوزير بيستوريوس سينفذ كل أفكار الإصلاح، ويجرؤ على القيام بعملية إعادة الهيكلة الكبرى.
يجب أن تكون المهمة المركزية للوزير بيستوريوس: “تحطيم الهياكل القديمة الرثة، وتسريح الموظفين والقيادات غير الضرورية، وتوسيع القوة القتالية”. مفوضة الدفاع في حزب SPD إيفا هوغل، طالبت في تقريرها السنوي الأخير، بأن يكون الهدف الأساسي من العمل، إعداد جيش ألماني جاهز للعمل بكامل طاقته من اليوم الأول.
معضلة الجيش الألماني
لكن هناك مشكلة كبيرة تتمثل في وضع الأفراد! فبدلاً من النمو كما هو مخطط له، بقي تعداد أفراد الجيش في حالة ركود عند حوالي 182 ألف جندي. إن نقص الأشخاص أصحاب الخبرات المطلوبة، والتطورات الديموغرافية في البلاد، تضع الجيش الألماني تحت الضغط! وفيما يتعلق بحالة التهديد العسكري، تدرس وزارة الدفاع عدة حلول لمواجهة نقص الأفراد، والتي تشمل أيضًا إعادة تفعيل الخدمة الإلزامية العامة.
النموذج السويدي!
الوزير بيستوريوس يؤيد ما يعرف بـ “النموذج السويدي”، حيث يُسجل الشباب والشابات للاتصال بهم من قبل الجيش عند الضرورة. الخدمة الإلزامية قضية مثيرة للجدل بالنسبة للحكومة الاتحادية الحالية، لذا فإن القرار السياسي لا يزال معلقًا. لكن في ورقة الاقتراحات التي قُدمت للوزير بيستوريوس، يوصي الخبراء “بإعداد وفحص عمليات التسجيل والحشد العسكري” حتى تتمكن قيادة الأركان من التعامل مع استدعاء أولئك الذين سيؤدون الخدمة العسكرية في حالة الحرب.