استضاف متحف الفنون والحرف في هامبورغ الجناح الرمضاني هذا العام. فخلال السنوات العشر الماضية أُقيم الجناح الرمضاني (الذي تنظمه جمعية Islamische Bund e.V المعروفة باسم مسجد المهاجرين) في الهواء الطلق. على بٌعد عدة أمتار من محطة قطار هامبورغ الرئيسية جرت العادة على إقامة تلك الخيم البيضاء في ميدان سانت جورج بين كنيسة الثالوث ومسجد المهاجرين. العام الماضي وقبل آذان المغرب تساقطت الأمطار، فأسرع الزوار للاحتماء داخل الخيم. تحدث المنظمون وقتها عن التحديات التي ستواجه إقامة الإفطار خلال السنوات القادمة بسبب دخول شهر رمضان في فصل الشتاء وسوء الأحوال الجوية.
وفقاً لمهدي عروي –أحد منظمي الجناح وعضو مجلس إدارة مؤسسة المنار– فقد وضعوا قائمة بالأماكن التي توقعوا احتمالية موافقتها على استضافة الجناح الرمضاني. جاء متحف الفنون والحرف في مقدمة القائمة، وقد رحبت إدارة المتحف منذ البداية بالفكرة. يقول عروي: “رغم الاختلاف في وجهات النظر حول تفاصيل التنظيم بين المتحف والمنظمين، لكننا استطعنا بالنهاية أن نقيم الجناح بشكل مُرضٍ”.
حضور شبابي ملحوظ
حضر الإفطار هذا العام حوالي 300 شخص يومياً على مدار ثلاثة أيام، كما وفر المتحف غرفة لإقامة الصلوات. وشارك في التنظيم 20 متطوعة ومتطوع من شباب مسجد المهاجرين. أصبح جناح هامبورغ الرمضاني أحد أكبر الأحداث المعنية بالحوار بين الأديان في هامبورغ. بالإضافة لمشاركة بعض العائلات مع أطفالهم في فاعليات الجناح، شارك عدد ملحوظ من الشابات والشباب خلال الأنشطة المختلفة. لم يقتصر الحدث على المسلمين فقط، لكنه مساحة لمشاركة غير المسلمين بالحوار والتعريف أكثر بالدين الإسلامي. حرص بعض الشباب على اصطحاب أصدقائهم أو زملائهم للإفطار سوياً أو للمشاركة في جولة إرشادية لمشاهدة مجموعة الفن الإسلامي بالمتحف. حضرت نيا الشابة الماليزية مع أربعة من زملائها في العمل إلى الإفطار، وقد شاركوها الصيام لمدة يوم كامل رغبة منهم بمعايشة التجربة.
تحدثت بعض المشاركات عن سعادتهن بتنظيم أيام الجناح الرمضاني داخل المتحف، حيث كانت فرصة مميزة لزيارة مجموعة الفن الإسلامي والتعرف على مقتنياته للمرة الأولى. يموّل الجناح من قبل الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة وكبار السن والنساء والشباب، كجزء من البرنامج الاتحادي “الديمقراطية الحية”. وكذلك من قبل مجلس مقاطعة هامبورغ–ميتيه، ومؤسسة المنار الإسلامية للتعليم والثقافة في هامبورغ.
جولة داخل القسم الإسلامي بالمتحف
أكثر ما ميّز الجناح الرمضاني هذا العام، هي الجولة الإرشادية داخل المتحف. نُظمت جولتان شارك فيهما 60 شخصاً تعرفوا خلالها بلمحة سريعة عن مقتنيات القسم اليهودي والإسلامي، والتي انضمت للمتحف عام 2015. تتكون مجموعة الفن الإسلامي من حوالي 1000 قطعة لمقتنيات من الثقافة الإسلامية من جنوب إسبانيا إلى شمال أفريقيا ومن غرب آسيا إلى الهند. تغطي المجموعة الفترة من ظهور الإسلام في القرن السابع وحتى الوقت الحاضر، وتضم مجموعة رائعة من الخزف المعماري والفخار الفارسي والسجاد.
واحدة من القطع المميزة في المجموعة تحمل اسم “مصحف الجامع” وهو مصحف كبير كُتب بماء الذهب وله تجليد جلدي. كتبه الخطاط محمد بن أحمد التبريزي في العاصمة تبريز شمال إيران عام 1565 باعتباره النسخة الـ 22 من المصحف. أهدي عام 1717 للسلطان العثماني أحمد الثالث. بعض القطع المعروضة وُضع عليها مثلث أحمر وكان من ضمنها هذا المصحف. خلال الجولة أشارت المسؤولة عن مجموعة الفن الإسلامي إلى أن بعض مقتنيات المتحف مجهولة المصدر، و أن إدارة المتحف تبحث بتاريخ تلك القطع لمعرفة كيف خرجت من دولتها الأصيلة وحتى وصولها إلى ألمانيا. في حالة ثبوت المصدر الأصلي ومطالبته باسترجاع القطعة، يقوم المتحف بالاستجابة للطلب. حدث هذا في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019 حيث أعيدت قطعة من ضمن مجموعة الفن الإسلامي إلى أفغانستان.
