داخل قاعدة Bürgerhaus في فيلهلمسبرج اجتمع كورال “Women of Wuppertal” وكورال “Chor zur Welt” للغناء سوياً في هامبورغ. أمسية حضرها ما يقرب من 500 شخص تفاعلوا مع الموسيقى، وغنوا لمدة ساعة ونصف بـ11 لغة مختلفة. دُعي الكورال النسائي للمشاركة في تلك الأمسية خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. التقت المجموعتان معاً لأول مرة يوم الجمعة الماضية وأمضوا ساعات تدريب طويلة لكي يظهر العرض بشكل نال إعجاب الحضور، الذين لم يتوقفوا عن التصفيق. ارتدت سيدات فوباتال أزياء تقليدية بألوان زاهية تعبر عن ثقافاتهن المختلفة وكأنهن ممثلات لقارات العالم. أغنيات باللغة العربية، التركية، اليابنية والأوكرانية كانت من ضمن ما تغنت به النساء.
حياة شاوي تقود الأوركسترا النسائية
كورال “Women of Wuppertal” هو مجموعة نسائية تضم نساء مهاجرات من بلدان عديدة حول العالم جمعتهن الموسيقى. تعود فكرة تأسيس الكورال إلى المغنية المغربية الأصل حياة شاوي، وبدعم من مدرسة الموسيقى “Bergische Musikschule”، الجمعية الاجتماعية Alpha e.V. والجوب سنتر في مدينة فوبرتال بمقاطعة NRW. بدأ الكورال عام 2016 كمشروع لدعم النساء اللاجئات حيث شارك عدد لا بأس به من السيدات السوريات. تقول حياة شاوي” كنت أرغب منذ وقت طول في تأسيس مشروع موسيقي لجذب النساء العربيات والمسلمات، لكني كنت أعلم صعوبة تحقيق ذلك إذا كانت المجموعة مختلطة تضم رجال ونساء بسبب تحدي العادات والتقاليد”. وجدت حياة في مبادرة جمعية Alpha e.V. لدعم الأمهات اللاجئات وأطفالهن فرصة مناسبة لبدء المشروع. القائمات على الجمعية أظهرن اهتمامهن بدمج الموسيقى ضمن مبادرة الدعم والتي تمثلت في توفير كورس للأمهات لتعلم المهارات المهمة للتقديم على وظائف في ألمانيا.
أهمية التعددية الثقافية في ألمانيا
درست حياة الشاوي اللغات في جامعة يوهانس جوتنبرج في ماينز، والغناء في جامعة كولونيا للموسيقى والرقص. بالإضافة لكونها مؤسسة الكورال، فهي مغنية موسيقى كلاسيكية ومدرسة ب“Bergische Musikschule”. تقول حياة “هدف المشروع هو ربط النساء المهاجرات من مختلف الأعمار والبلدان بالموسيقى، حيث يتم تعزيز التبادل بين الثقافات من خلال الغناء معاً بلغاتهن الأم. عندما تغني النساء بلغتهن الأم يشعرن بالاعتزاز وتقدير تلك اللغات. ليس من المهم مدى معرفتهن باللغة الألمانية أو اتقانها، كذلك لا يهمنا المستوى التعليمي حتى إذا لم يُجدن القراءة والكتابة”.
كمثال رائد للتعددية الثقافية، ترى “سيدات فوبرتال” أنفسهن سفيرات لعالم واحد مشترك. في عام 2017 حصلن على جائزة شبكة Sparda الموسيقية لعملهن الرائد، وفي عام 2018 تم ترشيحهن من قبل المجلس الثقافي الألماني لجائزة المستشار الاتحادي للتكامل الوطني. حصل كتاب الكورال “WoW – Women of Our World” عام 2022 على جائزة من الجمعية الألمانية لناشري الموسيقى.
حب غير مشروط
تقول نور شيخ السروجيه “أقضي ساعة ونصف أسبوعياً في التدريب، هذا هو الشئ الوحيد الذي أفعله لنفسي طوال الأسبوع. يجمعنا حب غير مشروط مثل حب العائلة الذي نفتقده في الغربة”. انضمت نور إلى الكورال منذ حوالي ثلاث سنوات وهي السيدة العربية الوحيدة في المجموعة الآن. نور أم لطفلين وقد انتهت مؤخراً من تدريب “IHK”، كما عملت لمدة ثلاث سنوات بشكل تطوعي في جمعية “ Miteinander in Ronsdorf” حتى انتُخبت لعضوية مجلس الإدارة. نصحتها صديقة بالانضمام إلى الكورال، وقد تحمست للتجربة برغم عدم معرفتها بالغناء من قبل. تقول نور” عندما أذهب للتدريب و أنا منهكة أخرج بعدها بطاقة إيجابية تكفيني للمواصلة. تجمعنا علاقة صداقة قوية حيث نلتقي بعد التدريب و ندعم بعضنا البعض في أمور كثيرة. أولادي يشجعونني علي المشاركة وحضروا إحدى حفلات الكورال من قبل، حتى أهلي بسوريا سعداء من أجلي”.
الكورال بحاجة للدعم المادي
مع توقف الجوب سنتر في فوبرتال عن دعم الكورال، لم يفقد الكورال الدعم المادي فقط، لكن أيضاً معظم النساء العربيات اللاتي كنّ يشاركنّ فيه. تقول حياة “هذه خسارة كبيرة للسيدات لأن الكورال كان فرصة جيدة لتلك الأمهات باعتبارهن ربات بيوت، وذلك من أجل الخروج من المنزل والقيام بنشاط يتيح لهن الإختلاط بالمجتمع. أجد الآن تحدي كبير أن اقنع سيدات عربيات ومسلمات للإنضمام إلى الكورال”. في البداية كان التركيز على مشاركة الأمهات في الكورال، لكن مع توقف دعم الجوب سنتر تغيرت الأمور بعض الشيء وأصبح االكورال مفتوحاً لجميع النساء المهتمات بالغناء في مدينة فوبرتال. يضم الكورال الآن 50 سيدة من 30 دولة يغنيّنَّ بأكثر من 25 لغة، وانضم حديثاً للمجموعة ثلاث سيدات أوكرانيات.
تم دعوة الكورال إلى النمسا العام الماضي للمشاركة في حفلة مع كورال أخر وكانت تجربة مميزة للمجموعة، ويعد حفل هامبورغ المشاركة الثانية للكورال مع مجوعات أخرى. تقول حياة “نحن بحالة دائمة للدعم المادي. يجب أن تكون الرحلات مجانية لمن لا يستطعن تحمل تكلفة السفر، لذلك أبحث دائماً عن داعمين”.
