حسب مقال نشره موقع TAZ الإخباريَّ، نقلاً عن جمعيَّة الأطبَّاء الألمانيَّة؛ فقد بلغ عدد الأطبَّاء السُّوريِّين العاملين في ألمانيا حتَّى عام 2021 حوالي خمسة آلاف وأربعمئة طبيب وطبيبة، وهم يحتَلُّون بالتَّالي المركز الأوَّل في قائمة الأطبَّاء الأجانب العاملين في ألمانيا. تأتي هذه الإحصائيَّة لتُؤكِّد، أنَّ الأطبَّاء السُّوربِّين تجاوزوا بالفعل كلَّ عقبات الاندماج المهنيِّ، وأصبحُوا جزءاً أساسيّاً من النِّظام الصحِّي الألمانيِّ، لا يُمكن الاستغناءُ عنهُ. وهنا يراود السُّؤال بال القارئ: كيف استطاع الأطبَّاء والصَّيادلة السُّوريُّون فرض نفسهم في المجال الطبِّيِّ بهذه السُّرعة، رغم العوائق الكبيرة، مثل تعديل الشَّهادة وتعلّم اللُّغة، والأمور البيروقراطيَّة الأخرى؟
الحاجة تُولِّد الفكرة
مع توافد أعدادٍ كبيرةٍ من الأطبَّاء السُّوريِّين إلى ألمانيا في عام 2015، برز دور مجموعة “الأطبَّاء السُّوريِّين في ألمانيا” على موقع التَّواصل الاجتماعي “فيسبوك”، كمجموعةٍ فريدةٍ، وشبه وحيدة يتمُّ فيها تبادل الآراء والتَّجارب، حول كُلِّ ما يخصُّ العمل الطبِّيِّ في ألمانيا. ومع ازدياد الأعداد، وكثرة الاستفسارات، والمشاكل الَّتي واجهت القادمين الجدد من الأطبَّاء والصَّيادلة، برزت الحاجة لإنشاء هيئةٍ رسميَّةٍ تُمَثِّلهم وتجمعهم، وتُساعدهم في التَّغلُّب على العقبات والصُّعُوبات الَّتي تُواجههم في مسيرة التَّعديل والانخراط في سوق العمل. وبعد سنواتٍ طويلةٍ من التَّواصل الافتراضيِّ على موقَّع فيسبوك وفي نهاية عام 2020، تمكَّن بعضُ أعضاء المجموعة من تحويل هذهِ المجموعة في العالم الافتراضيِّ إلى جمعيَّة قائمةٍ بذاتها، وتحمل اسم “جمعيَّة الأطبَّاء والصَّيادلة السُّوريِّين في ألمانيا”.
جمعيَّة تطوُّعيَّة وغير سياسيَّة
تُعرِّف طالبة الصَّيدلة في جامعة فرانكفورت، والمتطوّعة في الجمعيَّة، نور علوّة عن الجمعيَّة بقولها: “نحن جمعيَّة تطوُّعيَّة، غير ربحيَّة وغير سياسيَّة”. وتؤكِّد زميلتها في الكلَّيّة والجمعيَّة، انتصار إيليا قولها: “نعم غير سياسيَّة” في إشارةٍ منها إلى أهمِّيَّة حياديَّة الجمعيَّة بالنِّسبة لهم، والَّتي تضم حوالي مئتين وعشرين متطوِّعاً، منهم ثلاثة عشر عضو هيئة إداريَّة، برئاسة الدكتور فيصل شحادة، الطبّيّب الاستشاري في جراحة العظام في مشفى هاناو. وتقوم الجمعيَّة على حدِّ قول علوّة على ثلاثة أُسس مهمَّة وهي ربط الأكاديميِّين العاملين بالمجال الطبِّيِّ ببعضهم البعض، وتبادل الخبرات سواء الطبيّة أو الحياتيَّة، بالإضافة إلى الدَّعم، خصوصاً للأطبَّاء القادمين حديثاً إلى ألمانيا، والَّذين يسعون للحصول على فرصٍ للتَّدريب والعمل.
ثلاثة أنشطة أساسيَّة
ترعى الجمعيَّة العديد من المشاريع والأنشطة الموجَّهة للأطبَّاء والصَّيادلة في ألمانيا، وتنقسم كما تقول إيليا، إلى ثلاثة أقسام؛ هناك سلاسل المحاضرات العلميَّة التَّخصُّصيَّة، والَّتي تكون موجَّهة إلى المتخصِّصين في الطب البشري والممارسين حاليّاً للمهنة، لتعزيز وتحسين مستواهم المعرفيِّ. وهناك المحاضرات واللِّقاءات المخصَّصة لأطبَّاء الأسنان، والَّتي يتم فيها تبادل الخبرات والتَّجارب الشَّخصيَّة. أمَّا القسم الثالث، فيشمل إصدار مجلَّة “الصَّيدليَّة السُّوريَّة” بشكلٍ دوريٍّ، وكتاب “الحياة اليوميَّة في الصَّيدليَّة”، بالإضافة إلى مجموعةٍ من المحاضرات الموسَّعة، والَّتي تحتوي على الكثير من الموضوعات العمليَّة والمهمَّة في مجال العمل الصَّيدلانيِّ في ألمانيا.
مشروع الطلّاب
يعد مشروع الطلّاب كما تقول طالبتا الصَّيدلة، أحد أكثر المشاريع الفاعلة في الجمعيَّة، وهو مشروع موجَّه للطلّاب السُّوريّين والعرب الَّذين يدرسون الطب أو الصَّيدلة في الجامعات الألمانيَّة. ويهدف المشروع إلى تقديم المحاضرات والجلسات الحواريَّة حول موضوعاتٍ متعدِّدةٍ، مثل التَّمويل الدِّراسيِّ أو حقوق الطلّاب، وغيرها من الموضوعات الَّتي تُساهم في تقديم النَّصيحة والمشورة للطلّاب أثناء مشوارهم الدِّراسيِّ. وترى إيليا أنَّ المشروع فرصة جيِّدة للطلَّاب للاستفادة من خبرات الآخرين، وللتَّعرّف على الزُّملاء العاملين في المجال الطبّيّ.
الجمعية ليست للسٌّوريين فقط
لا تقتصر الخدمات الَّتي تُقدِّمها الجمعيَّة على الأطبّاء السُّوريِّين فحسب، إذ تقول علوّة: “لدينا العديد من الزُّملاء العرب من لبنان، وفلسطين، والأردن وغيرهم من البلدان الأخرى”. وتضيف علوّة بأنَّ التَّعاون مع الهيئات والجميعات الطبّيّة العربيَّة الأخرى، أحد الأهداف المهمَّة للجمعيَّة، إلى جانب مساعدة الأطبَّاء والصَّيادلة على الدُّخول في مجال البحث العلميِّ، والسَّعي طبعاً لتحسين المستوى الأكاديميَّ للأطبَّاء السُّوريِّين والارتقاء به، لتشكيل مجتمع طبي سوريّ نوعيّ وفريد في ألمانيا.
يمكنكم زيارة موقع الجمعيَّة بالضغط على الرابط التالي هنا