يقول جبران خليل جبران: “إنّ تُعطِ ممَّا تَملِكُ فإنَّك تعطي القليل، أَمّا إن تَهِبَ من نفسِك فهذا عين العطاء”، فكيف وإن كان العطاء موجّهاً لأبناء جلدتك في بلاد الغُربة. (إذ) لم يكن نمط الحياة المجهد في ألمانيا، والانشغال بتفاصيل الحياة اليومية، عائقاً أمام مجموعةٍ من السوريين الأكاديميّين لتأسيس الجمعيَّة الألمانيَّة السُّوريَّة للبحث العلمي عام 2016 في مدينة فرانكفورت، بغرض دعم الطلاب والباحثين السوريّين المُقيمين في ألمانيا وفي سوريا، حتَّى يتمكَّنوا من مواصلة حياتهم العلميَّة، وتسهيل الطريق أمامهم للمُساهمة في بناء مُجتمعٍ سوريٍّ للبحث العمليّ في مكان إقامتهم الجديد.
العلم مفتاح الاندماج في المجتمع
تعرّف الجمعيَّة نفسها، على أنَّها مُنظّمة مستقلّة، غير حُكُوميَّة، وغير ربحيَّة، ويُشرف عليها خمسةُ أعضاءٍ إداريين، برئاسة الدكتور هاني حرب، دكتور علم المناعة في جامعة دريسدن. وتَضمَّ حوالي 100 مُتطوّع ومُتطوّعة، ينشطون في جميع الولايات الألمانيَّة، ويعملون على عدة مشاريع مُختلفة، ويتوزعون على عدة فرق مثل كتابة المحتوى، المنح، إدارة المتطوعين، وغيرها من الفرق الأخرى.
يرى القائمون على الجمعيَّة أنَّهُ بالتَّعلم يُمكنُ تحقيق اندماج أفضل للوافدين الجدد في مجتمعاتهم الجديدة في ألمانيا. كما يؤمنون بأهمية نقل المعرفة وتشاركها مع الآخرين، لما يساهم ذلك في دعم مجتمع البحث العلمي.
منح مالية للطلاب
تُشرف الجمعيَّة حالياً على أربعة مشاريع أساسيَّة وهي: منحة اللَّغات الأكاديميَّة، ومنحة هيلدة دومين، ومنصَّة الإرشاد الأكاديميّ، بالإضافة إلى الشَّبكة الأكاديميَّة النّسويَّة السُّوريًّة. ويُشير عضو مجلس إدارة الجمعيَّة مصطفى قره حمد، وهو مدير فريق المنح، إلى أنَّه من خلال هذا المشروع فقط، قدَّمت الجمعيَّة 35 منحة مالية بقيمة 250 يورو للطلّاب السُّوريّين المقيمين في سوريا ودول الجوار لمساعدتهم على تخطي امتحان اللغة الإنكليزية توفل أو أيليتس، ليستطيعوا استكمال شروط متطلّبات الدّراسة في ألمانيا.
ورشات عمل حسب الحاجة
تعمل الجمعيَّة أيضاً على تقديم ورشات عمل حول موضوعات مختلفة كما يقول قره حمد: “نُقدم ورشات عمل حسب الاحتياجات وفي عدة اختصاصات مثل كيفيَّة كتابة بحث علمي، أو كيفية الحصول على منحةٍ معينة، وغيرها من الموضوعات التي تُهمُّ الطلّاب”. وقد نظّمت الجمعية حتى الآن أكثر من 30 ورشة عمل. ويضيف قره حمد، بأنَّ أحد الأدوار المهمّة التي تقوم بها الجمعيَّة؛ هو تقديم المعلومات للسُّوريّين الذي وصلوا ألمانيا ولديهم تحصيلات علميّة لافتة، لمساعدتهم على سلك الطريق الصحيح، سواءً المهني أو العلمي، كي لا يضطرُّوا للعمل في مجالات بعيدة كُلُّ البعد عن تخصُّصاتهم العلميَّة.
غياب التًّمويل
رغم العطاء الكبير، والوقت الثّمين الذي يُقدّمه أعضاء الجمعيَّة والمُتطوّعون للإشراف على المشاريع وإنجاحها، يؤكّد عضو مجلس الإدارة، أنّ اشتراكات أعضاء ومنتسبي الجمعية هي من تغطي تكاليف المشاريع وورشات العمل والمنح المُقدَّمة للطلّاب، وليس هناك مؤسَّسات أو جمعيَّات ألمانيَّة تساهم في تمويل هذه الأنشطة والمشاريع. ويرى قره حمد أنَّ هُناك حاجة ملحّة لتحويل الجمعيَّة إلى مؤسسة مموَّلة حتى تستطيع الاستمرار بعملها ودعم الطلاب.