من يقف وراء أكبر حملات التضليل الإعلامي في ألمانيا؟ Image by Thomas Ulrich from Pixabay
31. أغسطس 2022

من يقف وراء أكبر حملات التضليل الإعلامي في ألمانيا؟

تشهد ألمانيا حاليًا أكبر حملة تضليل حتى الآن! إذ تنشر مواقع إعلامية مزيفة دعاية موالية لروسيا، وتشاركها مئات الحسابات الوهمية بشكل جماعي على وسائل التواصل الاجتماعي.

مقتل مراهق بسبب التقنين!

نشر موقع مزيف يحمل اسم بيلد، خبرًا كاذبَا عن مقتل مراهق في برلين، إثر سقوطه في حفرة لم يرها بسبب الظلام، جراء “التقنين” بإنارة الشوارع في المدينة! كل شيء في هذا الفيديو مزيف! فالخبر كاذب وشرطة برلين أكدت عدم وقوع الحادثة. كما أنه لا يتم إطفاء أضواء الشوارع بالمناطق الحضرية في الليل لتوفير الطاقة! والفيديو لا علاقة له بصحيفة بيلد، فالموقع المزعوم هو نسخة مزيفة لكن بشكل احترافي للغاية!

تزييف منصات ألمانية مشهورة

يبدو أن محاولات التأثير على الرأي العام في ألمانيا من خلال الدعاية الموالية لروسيا وصلت إلى مستوى لم يكن معروفا من قبل! ففي حملة التضليل الجديدة واسعة النطاق، أطلق مجهولون مواقع ويب تحمل أسماء منصات ألمانية معروفة، مثل Bild أو Welt أو t-online أو Spiegel لينشروا عليها الأخبار ومقاطع الفيديو المفبركة! وفي الخطوة الثانية، يقوم جيش من الحسابات المزيفة (ذباب إلكتروني) بمشاركة هذه الأخبار المزيفة بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي.

تدور هذه الأخبار والفيديوهات المفبركة حول فكرة فحواها: (يجب أن تتوقف العقوبات ضد روسيا، وإلا ستصبح ألمانيا فقيرة! وهناك تهديد بالجوع، ويمكن أن يتجمد الناس حتى الموت في فصل الشتاء، وسينهار الاقتصاد). والهدف من الحملة زعزعة استقرار السكان، وخلق رأي عام ألماني ضد العقوبات على روسيا.

أكثر من 20 موقع إخباري مزيف!

حتى الآن اكتشف أكثر من 20 موقعًا مزيف جديد يحاكي تصاميم وطرق مواقع أخبار ألمانية معروفة! منصة t-online اكتشفت المواقع التي تقلدها وتعمل تحت اسمها، وتنشر مقالات دعائية ومقاطع فيديو مزيفة بنفس تصاميم المنصة الأصلية! وتمكن فريق البرمجة بالمنصة الألمانية الشهيرة من تتبع الصفحات المقلدة والتي كانت تدار بالبداية من هولندا، ثم انتقلت إلى كولومبيا! وقال رئيس تحرير منصة t-online، فلوريان هارمز: “عندما يمرر هؤلاء أصحاب النوايا الشريرة معلوماتهم المضللة، على أنها منشورات لوسائل إعلام معروفة، فهذا يضر بثقة القراء”.

حسابات تواصل اجتماعي وهمية

حتى لو كان من الممكن حذف العديد من الصفحات على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، فإن مقاطع الفيديو ما تزال متداولة بتلك المنصات! ويوفر المزورون مواد وأخبار مزيفة جديدة باستمرار! هناك مئات وربما آلاف الحسابات الوهمية على فيسبوك وتويتر، مهمتها إعادة النشر والتغريد بالمحتوى المزيف آلاف المرات!

ملامح الحسابات المزيفة على منصات التواصل

العديد من هذه الحسابات المزيفة لها أوجه تشابه واضحة! إذ تبدو صورة الملف الشخصي للحساب على فيسبوك حقيقية تمامًا! لكنها في الواقع مصممة بواسطة الذكاء الاصطناعي! وهذا سبب وجود دائما صورة ملف شخصي واحدة فقط للشخص المزعوم. معظم هذه الحسابات الوهمية تم إنشاؤها في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران من هذا العام. ومكان إقامة أصحاب هذه الحسابات الوهمية غالبا ما يكون مدينة ألمانية، وتشير العديد من البيانات الشخصية بهذه الحسابات المزيفة إلى أن أصحابها يعملون بمنصة “Netflix”، وتنشر هذه الحسابات الوهمية محتويات متنوعة في شريط الأحداث، بهدف إقناع الناس بأن هذا الحساب الفيسبوكي مثلاً حقيقي، وصاحبه يعيش حياته اليومية ويذهب لزيارة الأماكن الطبيعية والمطاعم! ويشارك صور الطبيعة والمطاعم التي يذهب إليها، لكن دون أن يظهر بالصورة!

خبير: أكبر حملة تضليل على الإطلاق!

أندريه وولف من جمعية “ميميكاما” النمساوية وفريقه، يلاحقون الأخبار المزيفة ويفضحونها منذ سنوات. لكنه لم يرى كحملة التضليل الواسعة النطاق التي نشهدها الآن هذه من قبل! وقال وولف بمقابلة مع ZDFheute: “يصعب تمييز مواقع الأخبار المزيفة عن المواقع الأصلية! ومن ناحية أخرى، الكتلة الهائلة من الأخبار المزيفة المنتشرة حاليًا فريدة من نوعها”. وأكد وولف أن المحتوى وراء هذه الأخبار المزيفة هو نفسه دائما: “الدعاية الموالية لروسيا والمناهضة لأوكرانيا”.

فيسبوك والإجابات الغائبة!

حتى الآن لا يُعرف من يقف وراء هذا التضليل والتزييف، وما إذا كانت الجهات الروسية تقف خلفها! وقد أدرجت ZDFheute العديد من الحسابات الشخصية المزيفة في طلب إلى Facebook ولفتت انتباه عملاق وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن بعض هذه الحسابات الوهمية وضعت إعلانات مدفوعة لبعض المقالات الدعائية المضللة! من جهتها حذفت منصة فيسبوك الحسابات الشخصية المذكورة، وأوقفت الحملات الإعلانية الفردية للمشاركات الدعائية، ليس كلها، المُبلغ عنها فقط!

وقالت متحدثة باسم فيسبوك إن المؤشرات بخصوص التزييف ستؤخذ “على محمل الجد” وما تزال قيد الدراسة. وحول مسألة من أنشأ هذه الحسابات الشخصية والصفحات وطلب الإعلانات، لم يكن لدى فيسبوك إجابة!

لمعرفة تأثير الأخبار الزائفة على المجتمع، يمكنكم متابعة اللقاء مع الدكتورة حنان بدر، أستاذة الاعلام بجامعة سالزبورغ في النمسا بالضغط هنا

المصدر

Image by Thomas Ulrich from Pixabay