عن تعز المحاصرة ونهاية الحرب في اليمن! Foto: Privat
14. يوليو 2022

عن تعز المحاصرة ونهاية الحرب في اليمن!

في الطرق المؤدية من وإلى مدينة تعز وسط اليمن وصل عدد ضحايا الحوادث المرورية إلى ما يقارب 1000 شخص خلال السبع سنوات الأخيرة. هذه الإحصائية الصادمة التي وثقتها الجهات الرسمية في المحافظة ليست إلا نتيجة ثانوية لجريمة ضد الإنسانية مكتملة الأركان تمارس بكل عنجهية ضد ملايين المدنيين وأمام أنظار العالم منذ مدة طويلة.

جهود دولية

تلقت منصة أمل دعوة من السفارة اليمنية في ألمانيا لتغطية فعالية نظمتها وزارة الخارجية اليمنية بالتعاون مع وزارة الخارجية الإيطالية. في إطار جهود دولية لاطلاع الرأي العام الأوروبي والدولي بشكل عام على الجرائم والانتهاكات التي تطال اليمنيين على يد مليشيات جماعة الحوثية وضرورة ممارسة المزيد من الضغوط عليها لرفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرقات المغلقة. أقيمت الندوة في 30 يونيو الماضي افتراضيا عبر برنامج زووم، وتحدث فيها عدد من ناشطي وممثلي المجتمع المدني من مدينة تعز، بحضور عدد من الصحفيين والحقوقيين ووكالات الأنباء ومراكز الفكر من أوروبا ودبلوماسيين من دول مختلفة.

وسلّط المتحدثون الضوء على الوضع المأساوي الذي تعيشه مدنية تعز نتيجة الحصار المفروض عليها من مليشيا الحوثي من جوانبه الإنسانية المختلفة، وآثاره على المرأة وعلى البنية التحتية للنظام الصحي وتداعياته الاقتصادية الكارثية، ودور منظمات المجتمع المدني لمواجهته. كما عرض في الندوة فيلم وثائقي يوضح طبيعة الحصار وآثاره الإنسانية .

جريمة مسكوت عنها

اندلعت الحرب في اليمن أواخر سبتمبر 2014 نتيجة انقلاب جماعة الحوثي المسلحة على السلطة، وعلى الرغم من أنها أسقطت العاصمة صنعاء حينها، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لها للاستحواذ على السلطة وراحت تمد نيران الحرب إلى مناطق أخرى خوفًا من أنها لن تعترف بشرعيتها. سارع الحوثيون في 12 يوليو 2015 لإغلاق الطرق الرئيسية للمدينة بداية من الطرق التي تربط شرق المدينة وغربها. وفي 25 من الشهر ذاته أغلق الحوثيون المدخل الغربي للمدينة والطرق المؤدية إليه وعددها سبع طرق تؤدي جميعها إلى الطريق الذي يربط مدينة تعز بمديريات المحافظة الغربية ومحافظة الحديدة. ولم تكتف جماعة الحوثي بإغلاق الطرق الرئيسية بل توجهت إلى إغلاق الطرق الفرعية التي حاول المدنيون اللجوء إليها كما أغلقت الطرق الرابطة بين مركز المحافظة ومديرياتها المختلفة لتبقى مدينة تعز وريفها الجنوبي محاصرة من جميع الاتجاهات.

إصرار على الجريمة

منتصف العام 2016، سمح الحوثيون للمدنيين بالمرور عبر طريق بديلة شديدة الوعورة؛ الأمر الذي ضاعف المسافة بين مركز المدينة ونواحيه وبقية المديريات التي تسيطر عليها الجماعة من عشر دقائق عبر الطرق الرئيسة قبل الحصار إلى 8 ساعات عبر طريق البديل. “تأثير الحصار من جانب اقتصادي مرعب” قال الصحفي محمد الحريبي الذي تحدث عن هذا المحور: “ارتفعت تكاليف النقل وزادت معها أسعار المواد الغذائية والأدوية وجميع السلع بنسبة تتجاوز 700% كما ارتفعت أسعار الغاز المنزلي والمشتقات النفطية، ومع كل هذا ساءت الحالة  المعيشية للسكان وارتفعت نسبة السكان الواقعين تحت خط الفقر وأقترب ما يزيد عن نصف السكان من حد المجاعة”.

طريق السلام المسدود

قبل ثلاثة أشهر، بدت الأنباء القادمة من اليمن مبشرة لأول مرة منذ مدة طويلة، فقد أحدثت الجهود الدولية التي تقودها الأمم المتحدة اختراق هو الأهم في ملف الحرب المستمرة منذ 8 سنوات. تزامُن الإعلان عن موافقة طرفي الصراع على هدنة مؤقتة لمدة 60 يوما مع قدوم شهر رمضان أعطى حتى أكثر المتشائمين حينها أملا، واعتقد أغلب اليمنيين أن نهاية أكبر أزمة إنسانية من صنع البشر في العالم أوشكت. مر الشهرين سريعا، وعلى الرغم من أن الجهود الدبلوماسية نجحت في اقناع طرفي الصراع على تمديد الهدنة التي وصفت منذ اليوم الأول بالهشة شهرين أخرين، إلا أن الأنباء القادمة من اليمن اليوم لا تبدو مبشرة مع تبقي شهر أو أقل على عودة دوامة الحرب التي أنهكت ملايين البؤساء من سكان البلد التي كان يطلق عليها قديما أرض السعيدة، وحولت حياتهم إلى جحيم حقيقي!