لم يتمكن العديد من القادمين الجدد تجاوز حاجز اللغة الألمانية، لوجود أسباب ذاتية ومعرفية واجتماعية شكلت حجر عثرة في درب تعلمهم! لكن بالمقابل هناك من أتقنها بطريقة ملفتة، وبشهادة أبناء اللغة أنفسهم!
قلة الاهتمام
علي الأحمد، خريج كلية الإعلام جامعة دمشق، جاء إلى ألمانيا عام 2015 ويدرس حالياً مستوى بي 1، قال إن ضعف اللغة لدى العديد من اللاجئين يعود إلى أسباب عديدة، منها قلة اهتمامهم بها وانشغالهم بمسائل حياتية أخرى، واعتبار مسألة اللغة ليست ذات أهمية! أيضاً يلعب المحيط الاجتماعي دوراً كبيراً في تمكين تعلم اللغة الألمانية، من تواصل الشخص مع الجيران الألمان أو تكوين صداقة معهم، حيث يسهّل هذا الأسلوب تعلم اللغة من خلال التكلم والمناقشة.
كما بيّن الأحمد أن الجو العائلي للاجئ لا يساعد على تعلم اللغة, ففي المنزل يتكلم الأفراد بلغتهم الأم، ويساهم عامل العمر في رفع مستوى الاستيعاب أو انخفاضه، فعندما يناهز الشخص أعتاب الخمسينات، ينخفض لديه مستوى الاستيعاب حيث تقل لديه القدرات الذهنية والحفظية خلافا لو كان في ريعان شبابه، حسب وصفه.
ويضيف الأحمد: “حتى ولو عمل اللاجئ السوري فلا يتعلم اللغة بشكل جيد، كون أغلب الأعمال لا يكون فيها احتكاك مباشر مع الألمان، حيث يعمل الشخص على سبيل المثال ثماني ساعات تقريباً في الخدمات اللوجستية (المستودعات) دون أن يتكلم مع أحد”.
الدافع والحماس
شفاء البقاعي خريجة كلية التجارة والاقتصاد، تحضّر حالياً لامتحان (دي س ها) في جامعة غوتنغن بمقاطعة ساكسونيا السفلى، وترغب مستقبلاً بدراسة الماجستير في تخصصها، تؤكد أن الحافز والحماس الموجودان لدى التلميذ هو عامل النجاح، فكلما كان الدافع والحماس كبيران، كلما استطاع التلميذ من خلالهما تجاوز عقبات اللغة والوصول إلى هدفه والعكس صحيح.
تقول البقاعي: “وجدت صعوبة بالبداية في تعلم مستوى بي1، كون اللغة الألمانية لغة جديدة علينا ولم نألف سماعها بالإضافة لاحتوائها على قواعد صعبة جداً مقارنة بقواعد اللغة الإنكليزية على سبيل المثال! وتزداد صعوبتها مع تقدم مستوى الدراسة الأكاديمية، فلغة الشارع المحكية أبسط بكثير من اللغة التي نتعلمها في المدرسة أو الجامعة، ولكن هذه الصعوبات لم تكن عقبة في وجهي بسبب الدافع الكبير الذي كان ينتابني للنجاح”.
وتضيف: “كان لمتابعتي للمسلسلات والأفلام الألمانية دور فعّال وكبير في فهمي للغة وتعلمها، كما كنت أتحدث الألمانية مع زملائي كونهم ليسوا ناطقين بالعربية وهذا ساهم أيضا على تحسين لغتي”.
كورونا وتأثيره السلبي
أما بالنسبة للأساتذة ودورهم في تبسيط اللغة نوّهت البقاعي: “لاشك أن للأستاذ دور مهم في تعليم اللغة وتبسيطها، ولكن الدور الأكبر يقع على عاتق الطالب! فلابد من الاعتماد على الجهد الشخصي والدراسة بالمنزل، وأفضل وسيلة ناجعة للنجاح هي الدراسة المكثفة والمراجعة قبل الامتحان، ولا نستطيع انكار أن جائحة كورونا ساهمت بتراجع مستوى اللغة لدى العديدين، حيث أدت الجائحة لانقطاع التلاميذ عن الذهاب إلى المدارس مدة ستة شهور تقريباً، وبالتالي تراجع مستوى اللغة لديهم، وما زاد الطين بلة دراسة اللغة عبر الإنترنت، إذ اضطر التلاميذ لمتابعة الدروس في المنزل دون فهم لما يشرحه الأساتذة بسبب انقطاعات الإنترنت المتكررة -جراء المشكلات الفنية – وبالإضافة إلى أن التلاميذ لم يستطيعوا البقاء بكامل تركيزهم لوقت طويل”.
المستوى التعليمي
الينا مولر، مدرّسة مادة اللغة الألمانية مستوى بي 1، أشارت إلى أن ضعف مستوى اللغة الألمانية عند اللاجئين يعود إلى عوامل ذاتية – تتعلق بالتلاميذ – ناجمة عن عدم مراجعة ما تم تدريسه في المدرسة، كما أن المستوى التعليمي يلعب دوراً كبيراً في مدى استيعاب اللغة”.
وتتابع مولر: “من خلال ملاحظتي للتلاميذ فإنهم لا يتواصلون إلا مع أبناء جلدتهم، ولا يحاولون التكلم مع تلاميذ من بلدان أخرى، كما يلعب اختلاف اللغة بين التلاميذ والمدرّسين دوراً كبيراً في عدم تعلم اللغة بالشكل المطلوب – خاصة ببداية تعلم الشخص – بحيث لا يستطيع المدرّس إيصال الفكرة إلى التلاميذ، فلو كان مدرّس عربي يدرّسهم اللغة الألمانية، هذا سيكون أفضل للطلاب المبتدئين اللذين ليست لديهم فكرة مسبقة عن اللغة”.
- إعداد وتقرير: عدنان كدم
- Image by Gundula Vogel from Pixabay