من غير الممكن في الفترة الاخيرة الحديث مع أي شخص دون التطرق لموضوع اللقاح. خصوصاً بعد أن تسارعت وتيرة التلقيح في ألمانيا. من الطبيعي أن يكون هناك أراء متضاربة وأن يتخوف بعض الأشخاص من اللقاح، وأنا منهم، كون اللقاح تم إنتاجه بفترة قياسية وما زالت الاثار طويلة الأمد غير معروفة بعد. ولكني أعتقد بنهاية المطاف أني لن أحصل على حريتي مجدداً إذا لم أحصل على اللقاح. أنا لست بصدد أن أناقش آرائي وأفكاري الشخصية هنا، بل لأستعرض بعض أفكار النساء وتجاربهم المتعلقة باللقاح
نزيف لمدة 30 يوماً!
بعد أسبوع من حصولها على الجرعة الأولى من لقاح بيونتك، بدأت لبنى ع. (33 عاماً) دورتها الشهرية بوقتها المعتاد. عادةً ما تستمر الدورة الشهرية لدى لبنى لخمسة أيام ولكن النزيف استمر لمدة 12 يوماً. تواصلت لبنى مع طبيبتها النسائية في برلين وعبرت عن مخاوفها لتناول الجرعة الثانية، لكن الطبيبة نصحتها بعدم تأجيل الجرعة الثانية لصعوبة الحصول على المواعيد.
بعد حصولها على الجرعة الثانية، عاد النزيف مجدداً واستمر لثمانية عشر يوماً هذه المرة. ليصبح مجمل عدد الأيام 30 يوماً! من غير الممكن لي كرجل تصور مدى صعوبة الأمر! بسبب استمرار النزيف لفترة طويلة اضطرت لبنى لشرب كميات كبيرة من المياه وتناول حبوب الحديد لتفادي الإصابة بفقر الدم. كما ان درجة الحموضة المهبلية ارتفعت بسبب استمرار النزيف ما أدى لالتهاب بكتيري في المهبل ما اضطرها لتناول المضادات الحيوية. بعد مرور عدة أيام من انتهاء النزيف، قامت لبنى بإجراء تحاليل الدم والهرمونات وجاءت كل النتائج بأرقام طبيعية. تقول لبنى أنها سعيدة أنها حصلت على اللقاح رغم التجربة السيئة ولم تصبها أي أعراض أخرى. ولكنها كانت تتمنى لو كان هناك شفافية أكبر فيما يتعلق بالآثار الجانبية أو لو أعدها أحد نفسياً لما قد تتعرض له.
هل عانت الكثير من النساء من هذه المشكلة؟
في أواخر فبراير، كتبت كاثرين كلانسي، أستاذة الأنثروبولوجيا في جامعة إلينوي على تويتر أنها عانت من فترة حيض مبكرة وغزيرة بعد التطعيم ضد كورونا وسمعت أشياء مماثلة من صديقاتها. كان الهدف من تغريدتها أن تعرف ما إذا عانت نساء اخريات من نفس الأعراض. أجابت عليها الاف من النساء اللواتي تم تطعيمهن بلقاحات mRNA من موديرنا أو بيونتيك. حتى أن هناك نساء في الخمسينات ممن انقطعت دورتهن الشهرية لسنوات عانين من آثار الدورة الشهرية مجدداً بعد حصولهم على اللقاح.
دائماً ما يتم إلقاء اللوم على الهرمونات
تشكك جوليا ب. (30 عاماً) بالسرعة التي تم إنتاج اللقاح بها، فمن غير الممكن معرفة الاثار الجانبية بعيدة المدى للقاح. قد تمتلك الشركات المنتجة للقاح الإمكانيات المادية لإنتاج كميات كبيرة من اللقاح، لكن ليس باستطاعتها شراء الوقت لمعرفة اثار اللقاح على المدى الطويل. تقول جوليا إنه من الأكيد أن العلم والطب وصل لمراحل متقدمة جداً وأصبحنا نعرف الكثير عن جسم الإنسان. لكن بالنسبة لها ودون شك، أن ما لا نعرفه عن الجسم البشري وحمضنا النووي هو أكثر مما نعرفه بالفعل! تضيف جولياً أن الأطباء وشركات الأدوية لا يأخذون صحة النساء على محمل الجد ودائماً يتم إلقاء اللوم على الهرمونات. ربما أكثر ما يقلق جوليا هو إن كان هناك اي اثار بعيدة المدى على الخصوبة، ما قد يمنعها من الحصول على أطفال في المستقبل لذلك تفضل الانتظار قليلاً قبل الحصول على اللقاح.
ماهو رأي الأطباء بالموضوع؟
يقول الدكتور كريستيان ثالر، رئيس مركز الهرمونات والخصوبة في جامعة لودفيغ ماكسيمليان في ميونخ لموقع شبيغل أونلاين: من المعقول والممكن الاعتقاد أنو الدورة الشهرية قد تفقد إيقاعها بعد التطعيم ضد كورونا. هناك العديد من الخلايا المناعية في النسيج المهبلي وقد تتفاعل الخلايا المناعية ببطانة الرحم أيضاً مع اللقاح وذلك ليس بأمر مستغرب.
تقول فانادين زايفرت كلاوس في ما كتبته صحيفة شبيغل أونلاين أيضاً، وهي طبيبة أولى رائدة في عيادة أمراض النساء في الجامعة التقنية في ميونخ / كلينيكوم ريشتس دير إيزار. وعضو المجلس الاستشاري لقسم الطب والبيولوجيا التناسلية في الجمعية الألمانية لطب الغدد. تقول إن تقارير تغييرات الدورة الشهرية بعد الحصول على لقاح كورونا يمكن أن تكون مجرد ملاحظات عشوائية وبسبب التوتر. مع ذلك يجب أخذ الملاحظات التي تشاركها النساء على محمل الجد! تضيف د. زايفرت كلاوس: “إذا نزفت المرأة، فهي لا تختلق هذا النزيف. أرى كل يوم أن النساء يشعرن بعدم الأمان عندما يصبن بنزيف غير عادي. أعتقد أنه من المهم عدم إطلاق جرس الإنذار، لكن لا ينبغي أني نخفي المخاوف تحت البساط”
لماذا لم تسجل هذه الاضطرابات كأعراض جانبية للقاح؟
لم تسجل الدراسات التي أجريت على اللقاحات أي حالات نزيف مهبلي. في الوقت ذاته لم يتم إجراء أي دراسات خاصة حول تأثير اللقاح على الدورة الشهرية. لكي يتم تسجيل النزيف المستمر أو التغيرات الطارئة على الدورة الشهرية كأعراض جانبية للقاحات mRNA يجب أن تتوفر معلومات أكثر عن ذلك. لذلك لم يدرج معهد Paul Ehrlich (PEI) المسؤول عن مراقبة اللقاحات في ألمانيا لم يدرج هذه الظاهرة تحت بند الاثار الجانبية للقاح.
حريتي أهم من حالتي الصحية!
أصيبت سلوى ج. (22 عاماً) بكورونا في أكتوبر الماضي! بالبداية عانت من إرهاق شديد وصداع قوي مصحوب بحرارة مرتفعة. لم تكن تعلم بعد أنها مصابة بكورونا، معتقدة أنها مجرد إنفلونزا عادية، قامت بتحضير بعض الطعام ونسته على النار حتى احترق وبدء الدخان يملئ المنزل! أصبح واضحاً لها أنها خسرت حاسة الشم ولم تنتبه لرائحة البطاطا المحروقة. قامت بأكل بعض الليمون للتأكد ولكنا فقدت حاسة التذوق أيضاً!
بعد شفائها تشكلت عند سلوى مناعة ضد الفيروس. لتختبر هذه المناعة قامت بمساعدة بعض الأشخاص المصابين بكورونا وكانت على اتصال مباشر معهم دون ارتداء الكمامةا، وجائت نتيجة تحاليل PCR سلبية دائما.
مؤخراً حصلت سلوى على لقاح موديرنا لأسباب لوجستية بحتة! بالنسبة لها لم يلعب العامل الصحي أي دور في قرارها. تقول سلوى إنها لا تهتم كثيراً إن كان هناك أعراض مجهولة للقاح قد تظهر بعد فترة فترة من الزمن. على عكس ما ذكرت جوليا، تقول سلوى إن كان من الممكن أن يؤثر اللقاح على قدرتها على الإنجاب مستقبلاً، فلا مانع لديها من ذلك! الدافع الرئيسي كان رغبتها بالحصول على حريتها مجدداً والسفر دون قيود أو الحاجة لإجراء فحص سريع كلما رغبت بالخروج إلى مكان ما! في الوقت ذاته تتفهم مخاوف بعض النساء من أخذ اللقاح ولكن بالنسبة لها فإن حريتها المقيدة أهم من حالتها الصحية!
لا علاقة للخوف بنظريات المؤامرة
ترى جوليا أنه يجب أن يكون هناك دائماً إمكانية للنقاش المفتوح حول كل المواضيع خاصة عندما يتعلق الموضوع بصحة الإنسان بشكل عام وصحة النساء بشكل خاص. كما أنه من غير المنطقي وصم جميع الأصوات التي لا تصب بمصلحة اللقاح بنظريات المؤامرة أو بأن أصحاب هذه الأصوات من المفكرين الجانبين. أن تراودك بعض المخاوف أمر مختلف تماماً عن أن تعتقد أن بيل جيتس يقوم بزراعة شريحة الجيل الخامس من الانترنت في ذراعك!
ما هي الخلاصة؟
لم يتضح بعد ما إذا كانت هناك علاقة بين اللقاح واضطراب الدورة الشهرية. من الممكن أن تكون التغيرات ناتجة عن التوتر -على الرغم من كليشية استخدام التوتر كعذر لمشاكل الدورة الشهرية عند النساء- إلا أنه يبقى أحد الاحتمالات. كما أنه -طبياً- لا يمكن استبعاد احتمال تأثير اللقاح على الدورة الشهرية، وذلك لعدم وجود أي بيانات كافية لحد الآن. إذا كان هناك بالفعل علاقة بينهما، فهناك العديد من المؤشرات على أن التأثيرات مؤقتة فقط. وبعد دورة أو دورتين، يجب أن يستقر نظام الهرمونات والأنسجة بدقة مرة أخرى. لذلك لا يوجد ما يمنع من اخذ اللقاح أو يدعو للخوف، وإذا حدثت أي تغييرات على الدورة الشهرية قد تكون بسبب التوتر الناتج عن مرحلة ما بعد اللقاح أو مجرد مصادفة. وقد تكون مؤشراً لأمر مختلف تماماً. وبالإمكان مراجعة الطبيب أو الطبيبة عند حدوث الأمر للتحقق.