منذ بداية الثورة السورية عام 2011، لم تتوقف الاجتماعات والمؤتمرات واللقاءات الدولية! التي تعنى بالشأن السوري، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الإغاثية، آخرها كان مؤتمر بروكسل الرابع، الذي عقد نهاية الشهر الماضي، تحت عنوان (دعم مستقبل سوريا).
جائحة كورونا ضاعفت من آلام السوريين، فقد ازدادت أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، وأدت لوجود أزمات اقتصادية خانقة عند الدول المانحة! ومع الانهيار الحاد بقيمة العملة السورية، أصبح الشعب السوري بمعظمه مهدد بمجاعة حقيقة حسب تقديرات الأمم المتحدة، التي ذكرت في أرقامها أن عدد اللاجئين السوريين، بلغ ستة ملايين شخص، وعدد الذين يحتاجون لمساعدات داخل سوريا، يصل إلى 11 مليوناً شخص، ونحو مليونين ونصف المليون طفل خارج المدرسة! ما أدى لزيادة مخاطر عمالة الأطفال، وارتفاع نسبة الزواج المبكر لدى الفتيات.
الجرائم لن تمر بلا عقاب
المؤتمر عُقد بتقنية اتصال الفيديو، برئاسة مشتركة من قِبل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، التي حثت المانحين الدوليين على جمع نحو 10 مليارات دولار لمساعدة السوريين، إلا أن مفوض إدارة الأزمات في الاتحاد الأوروبي جانز ليناريتش، أعلن أن الأطراف المشاركة في مؤتمر بروكسل الرابع، تعهدت بتقديم 6.9 مليار يورو لدعم اللاجئين السوريين! أي ما يعادل 7.7 مليار دولار، وتعهد الاتحاد الأوروبي خلال المؤتمر، بتقديم مساعدات إنسانية بقيمة 2,3 مليار يورو خلال الفترة ما بين 2020- 2021، وفق الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، الذي أشار إلى أن الوضع ما زال خطيراً في سورية، داعياً إلى توسيع الهدنة التي توصلت إليها تركيا وروسيا في آذار/ مارس الماضي في إدلب لتشمل كل أنحاء البلاد.
وشدد بوريل على ضرورة اغتنام الفرصة للتوصل إلى حل سياسي في سورية، مضيفاً: “يجب أن تُجبر جميع الأطراف النظام السوري على الانخراط في المفاوضات وإنهاء القمع السياسي”، وأشار بوريل إلى أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم الشعب السوري وطالبي اللجوء في البلدان المجاورة لسورية، وقال إنه يجب ألا تمر الجرائم الجماعية التي ارتكبت في سورية بلا عقاب، وأكد أن استقرار سورية مهم بالنسبة لأوروبا، مبيناً أن الاتحاد سيواصل دعم سورية والدول المجاورة لها، التي تستضيف طالبي اللجوء. وشدد بوريل على ضرورة فعل المزيد لتخفيف معاناة الشعب السوري، والتركيز على الحل السياسي.
كما هي العادة، لم ينسَ ساسة لبنان استغلال الموقف للحديث عن معاناتهم من اللاجئين السوريين! حيث حمّل رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب في كلمته، اللاجئين السوريين جزءأ من المسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان! وعبر عن خشيته من ازدياد التوتر بين النازحين السوريين والمجتمعات اللبنانية المُضيفة بفِعل الضائقة الاقتصادية، ونوه إلى اكتظاظ المدارس الرسمية بالتلاميذ، حيث بلغ عدد التلاميذ السوريين قرابة نصف عدد التلامذة اللبنانيين، فيما الحاجة ملحّة إلى إعادة تأهيل العديد من المدارس وصيانتها، على حد وصفه.
أكثر من مليار ونصف المليار يورو من ألمانيا
وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، قال إن بلاده خصصت 1,584 مليار يورو للتخفيف من الضائقة في سوريا ودول الجوار، مشيراً إلى أن جائحة كورونا فاقمت الوضع هناك، إثر تقييد وصول المساعدات الإنسانية، وأضاف ماس: “يمكن للعالم اليوم إثبات أنه لم ينسى الشعب السوري، ولم يتجاهل ما يحصل في بلاده (..) حياة الملايين من الناس مرتبطة بالمساعدات الداخلة إلى سوريا عبر تركيا والعراق”، مشددا على أهمية تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2504، كما أكد ماس على ضرورة دعم دول الجوار السوري والتضامن معها، مشيرا إلى أنها “تقدم إمكانية اللجوء للغالبية العظمى من اللاجئين السوريين”، وشدد على لزوم توقف أطراف الحرب في سوريا عن القتال، لافتًا إلى أن العملية السياسية التي تديرها الأمم المتحدة هي الفرصة الوحيدة للحفاظ على استقرار دائم.
ختاماً..
كل هذه المؤتمرات ليست سوى إجراءات جزئية ومؤقتة، وحل القضية السورية بشكل كامل، يتم من خلال ازالة سبب معاناة السوريين، وهو النظام الحاكم، والعمل على إقامة حكم ديمقراطي مبني على المواطنة.. عندها سوف ترتاح أوروبا، وخاصة ألمانيا من إبتزاز دول الجوار السوري، كتركيا لموضوع اللاجئين، كما سيعود اللاجئين أو قسم كبير منهم إلى بلادهم، كي يساهموا بإعادة إعمارها..