منذ إنتشار فيروس كورونا، كإندلاع النار بالهشيم، شهدت حياتنا العديد من التغيرات التي طالت الجميع، حتى المدارس على سبيل المثال توقفت خلال الفصل الدراسي، ثم عادت لتستقبل التلاميذ وفق مجموعات وأوقات مختلفة! كما شهدت قطاعات العمل على اختلافها تغييرات جذرية، بعض المؤسسات أفلست وسرحت موظفيها، وأخرى خفضت قواها العاملة وعدلت ساعات العمل والأجور، وأخرى باتت تستقبل أعدادًا محدودة من الزبائن، كالمطاعم ومحلات الحلاقة.. إلخ.
الحنين لما قبل كورونا بحلوه ومره!
يقول علي الشيخ شاب سوري يعمل في إحدى دور السينما بمدينة هامبورغ: “ما بعد كورونا ليس كما قبله، كل شيء تغير، العمل توقف نهائيا والروتين اليومي أصبح مختلفا، ساعات الجلوس في المنزل أصبحت أطول”. اعتاد الشباب العرب في هامبورغ أيام العطل والاجازات قضاء بعض الأوقات في الحدائق بشكل جماعي، أما في هذه الأيام يمنع التجمع لأكثر من عائلتين في المنزل، ولا يسمح بالجلوس بشكل جماعي في المناطق العامة، يضيف الشيخ: “اعتقدنا أن الأزمة أصبحت من الماضي، وأحببنا أن نقضي بعض الوقت بصحبة الأصدقاء في الحديقة، فالشمس مشرقة على غير عادتها في هامبورغ، كل الأجواء كانت تشير إلى أن الجلوس بجوار بعض ممنوع، لذلك جلسنا بمقربة من بعض لكن بشكل ثانئي، وبدأنا نتحدث عن حنينا إلى أيام الروتين والنشاط اليومي المتكرر، الجميع أكد أن الأيام السابقة قبل الوباء بحلوها ومرها، كانت أفضل من هذه الأيام، ففي زمن كورونا بدت هامبورغ كمدينة أشباح خالية من سكانها أحيانًا”!
تشابه الحاضر بالماضي!
الجميع سمع بمرض الطاعون الذي تسبب بزوال مدن وقرى كاملة قديمًا! لم نتخيل حجمه الحقيقي آنذاك، فقصص الطاعون كانت بالنسبة للكثير مجرد حكايات تشبه الخرافات! فراس ابراهيم أب لخمسة أطفال يسكن في هامبروغ منذ خمس سنوات، قال إنه لم يعش كهذه الأيام، فقد سمع الكثير من القصص التي رواها الأجداد عن ضحايا الأمراض والأوبئة في حياتهم، ولم يكن يتخيل هذا الموقف في هذا الزمن، مع كل هذا التطور الحاصل على جميع الأصعدة في حياة البشر.
يضيف الإبراهيم أنه سمع بقصص غريبة ومؤلمة عن الكوليرا والتيفوئيد والملاريا والجدري: “لكن أزمة كورونا أنا عشتها، وقد سببت الرعب والذعر لحياتي، ربما لأننا لم نملك خبرة سابقة بمثل هذا الأمر، فقط سمعنا عن مثل هذه الأوبئة من الأجداد، وكنا نشاهد خوفهم ورعبهم من تلك الذكريات، وها نحن نشارك أطفالنا مشاعر الخوف والرعب، وسنحكي لأحفادنا عن هذه اللحظات العصيبة بشيء من الخوف الرعب أيضا كما فعل أجدادنا”.
قضاء ساعات طويلة في المنزل!
ويتابع الإبراهيم: “سابقاً عندما كنت أصاب بالملل أذهب للتسوق، بينما في هذه الأيام قررت عدم مغادرة المنزل ما لم يكن هناك حاجة، فشراء الطعام والشراب يحدث أسبوعياً والخروج عموماً فقط للضرورة القصوى، أما زيارة الأهل والأقارب في زمن الكورونا فقد منعت تقريباً، لا شك أن فيروس كورونا فرض إيقاعه على دول العالم وشعوبه وأصبح عنوان الصحف اليومية، فالجميع يعمل من منزله وهذا يعطي وقت أطول للأطفال والعائلة، وأيضاً لممارسة الهواية في المطالعة والقرأة التي أحبها”.
الإلتزام بالقوانين!
الكثير من سكان هامبورغ إلتزموا بالقوانين والتدابير الجديدة، كإرتداء الكمامة، وترك مسافة مترين تباعد اجتماعي، وعدم زيارة كبار السن.. يجلس الإبراهيم على شرفة منزله ويتأمل كل شيء من حوله، ينظر من نافذته أحيانًا ويراقب إلتزام المارة بالتدابير الوقائية لمنع انتشار الفيروس، وعندما يشاهد أحدهم غير ملتزم بالإجراءات الوقائية، يحدث نفسه قائلاً: “منع التجوال هو الحل لإجبار الجميع على تطبيق قوانين السلامة العامة”!