بعد كل المحاولات للمحافظة على أولادها ومستقبلهم في العراق، كان القرار الأصعب! لا مفر من ترك مسقط الرأس، فبغداد لم تعد المكان الآمن لها ولأولادها، عن اللاجئة العراقية كافية فاخر وقصة نجاحها في هامبورغ نكتب في يوم المرأة العالمي.. قبل خمس سنوات كانت فاخر تعيش في بغداد، فهي مديرة لروضة أطفال ومسؤولة عن خمس أبناء: ثلاث شباب وبنتان. بعد قرار الانفصل عن زوجها ساءت ظروف فاخر، وأجبرت على النزوح مرتين! مرة من حارتها وبيتها في بغداد، والثانية كانت بمثابة وداع العراق.
القرار الأصعب وطريق اللجوء
في مستهل حديثها لـ “أمل هامبورغ” أوضحت فاخر أنها لم تكن تعرف البلد الذي ستهاجر إليه، جل ما طمحت له هو المحافظة على أولادها بجوارها بعيداً عن الأذى، فقد خبرت معنى خسارة الولد بسبب الحرب الطائفية في العراق، طريق لجوئها كان كجميع اللاجئين القادمين من العراق، فمن بلادهم إلى تركيا ومنها إلى اليونان، والكل يعرف ظروف اللاجئ في اليونان! ثم إلى مقدونيا فصربيا ومرورا بالنمسا، وكانت أول مدينة وطأتها أقدام فاخر في ألمانيا هي مونيخ، لتحط رحالها أخيراً شمال ألمانيا في هامبورغ.
أبرز التحديات تعرّض حفيدتي لحروق جسدية
تقول فاخر: “كل الصعوبات واجهتنا في طريق لجوئنا، لكن التحدي الأكبر كان لنا كعائلة مكونة من 11 شخصاً أنا وأولادي وأحفادي الخمس، هو عندما تعرضت حفيدتي لحروق خطيرة في مخيم اللاجئين، عندها كنا جميعا نسكن غرفة مسبقة الصنع! تلك اللحظات ما زالت عالقة بمخيلتي، وما يزيد الأمر سوءاً أن آثار الحرق واضحة للآن على جسد الصغيرة”. هذه المآسي التي اصدمت بها فاخر جعلتها تفكر كثيراً لماذا هي هنا وما الذي فعلته بأطفالها، بعد أن كانت تملك البيت والسيارة والعمل، أما الآن يعيشون دون منزل آمن، ودون أبسط الأمور التي توجد بالمنازل الطبيعية كالمطبخ، ومستلزمات الراحة الأخرى، ليزيد الطين بله قرار عدم منحنها الإقامة في هامبورغ، وما زالت إلى يومنا هذا لا تملك حق الأقامة حالها وأسرتها، كحال معظم اللاجئين العراقيين، ومع أنها وأولادها ربحت الدعوى للحصول على حق الحماية في هامبورغ، لكنهم لم يحصلوا للآن على الإقامة الالكترونية.
على مقاعد الدراسة بجانب الابن الزميل والصديق!
بحثت فاخر بجد عن فرصة للعمل، حتى تثبت وجودها في هامبورغ: “في أحد الأيام وأنا اتصفح موقعاً على الانترنت، قرأت إعلان لشركة طبخ تبحث عن متدربين -براكتيكنتا- أرسلت لهم أنا وأبني، لنحصل على الموافقة المبدئية بعد عدة أيام، الشركة رحبت بوجودنا، لم يمضي الأسبوع الثاني حتى جاءت المديرة وأخبرتني أنها تدعوني لتوقيع العقود معهم واكمال التدريب المهني -أوسبيلدونغ- وهذا ما كان، لنجلس أنا وأبني في نفس المقعد”، لحظات السعادة كانت ظاهرة على فاخر أثناء حديثها عن ولدها الزميل والصديق كما تمسيه في أغلب حديثها عنه لتضيف: “فخورة بأبني الزميل والصديق، فهو وأخوته من دعموني في هذه البلاد، سابقاً اتخذت قرار العودة للدراسة بمفردي في العراق، فقد درست الإعدادية والثانوية في المنزل من غير أن يعلم أحد بذلك، والآن من شجعني على الدراسة أولادي، بل أبني حيدر كان يجاورني في مقاعد الفصل”.
المأكولات العراقية الشهية مفقودة في هامبورغ!
لكل مجتهد نصيب، بهذه الكلامات أخبرتنا بمدى سعادتها أثناء ذكر اسمها لنيل جائزة التخرج من المدرسة بدرجة جيد جداً، ونيلها المرتبة الأولى على فصلها الدراسي والثالثة على مستوى المدرسة. بعد التخرج من التدريب المهني تعمل فاخر الآن في منظمة تطوعية لمساعدة اللاجئين، فهي تقوم مع متطوعين ألمان بزيارة مراكز الإيواء لدعم اللاجئين في حياتهم اليومية، وتفكر بفتح مطعم للمأكولات العراقية، وتختم بالقول: “في هامبورغ يوجد العديد من المطابخ، لكن ما ينقص سكان المدينة هو تذوق المأكولات العراقية الدسمة والشهية، فبعد أن كسبت الخبرة في إعداد المأكولات الألمانية، سأكون سعيدة بإدخال أشهى الوجبات العراقية إلى المطبخ الهامبورغي”.