شهدت مدينة فرانكفورت اليوم انطلاق فعاليات مؤتمر “شفاء سوريا”، الذي يعد واحد من أبرز المبادرات المدنية والطبية. التي تهدف إلى مدّ جسور التواصل بين السوريين في المهجر والجهات الرسمية في الداخل. من أجل وضع أسس عملية لإعادة بناء القطاعين الصحي والتعليمي وتفعيل دور الكفاءات السورية المنتشرة حول العالم في عملية إعادة الإعمار.
شفاء سوريا.. جهات تنظيمية مدنية تقود المبادرة
جاء تنظيم المؤتمر بمبادرة مشتركة بين التجمع السوري في ألمانيا. وهي منظمة مدنية مستقلة تأسست عام 2025 تضم كفاءات سورية من مختلف التخصصات. وتسعى لبناء شبكة تعاون بين السوريين في أوروبا والمجتمع المدني داخل سوريا. من خلال العمل في مجالات متعددة تشمل التنمية والتعليم والعدالة الانتقالية والدعم الإنساني. وجمعية الأطباء والصيادلة السوريين في ألمانيا (SyGAAD). جمعية غير ربحية تأسست عام 2020 وتضم مئات الأطباء والصيادلة السوريين المقيمين في ألمانيا. وتعمل على تبادل الخبرات الطبية وتنظيم حملات صحية وإغاثية. كان أبرزها حملة “شفاء” التي لاقت صدىً واسعًا داخل سوريا وخارجها.
حملة “شفاء”: رعاية طبية عابرة للحدود
تعد حملة “شفاء” إحدى المبادرات الإنسانية الرائدة التي أُطلقت بالتعاون بين وزارة الصحة السورية وأطباء سوريين في أوروبا. تهدف إلى تقديم الرعاية الطبية والجراحية المجانية للفئات الأشد حاجة داخل سورية، من خلال نظام رقمي متطور يتيح للأطباء المغتربين متابعة الحالات الطبية والتواصل المباشر مع الفرق الطبية في الداخل. وقد شهد المؤتمر تكريمًا خاصًا للمشاركين في الحملة. مع الإعلان عن انطلاق المرحلة الثانية منها تحت عنوان “شفاء 2″، وينتظر أن توسّع نطاق المستفيدين وتعزز القدرات الطبية على الأرض.
وزير التعليم العالي يعرض خطة لإنقاذ البحث العلمي
تميز المؤتمر بحضور رسمي بارز تمثّل بوزير التعليم العالي السوري الدكتور مروان الحلبي. الذي ألقى كلمة تناول فيها واقع التعليم والبحث العلمي في سوريا بعد سقوط النظام البائد. وأشار إلى التحديات الكبرى التي تواجه هذا القطاع، وفي مقدمتها الدمار الذي طال المراكز البحثية وهجرة أكثر من 140 ألف أكاديمي. إلى جانب التدخلات الأمنية التي أضعفت استقلال الجامعات السورية، ونقص التمويل وغياب الموازنات المخصصة للبحث العلمي.
في المقابل، عرض الوزير خطة وزارته للنهوض بالبحث العلمي السوري، وتشمل بناء قاعدة بيانات وطنية وتطوير آليات لكشف الاحتيال الأكاديمي. إلى جانب مراجعة المناهج التعليمية وإنشاء كلية متخصصة بالذكاء الاصطناعي. بالإضافة إلى إطلاق صندوق وطني لدعم الباحثين، مع تأكيده على ضرورة احترام الخصوصيات المجتمعية وتقديم منح مالية للباحثين الجادين. مشيرًا إلى أن عدد طلاب الدراسات العليا في سوريا اليوم بلغ نحو 30 ألف طالب.

مداخلة وزير التعليم العالي السوري الدكتور مروان الحلبي
ورشات عمل متخصصة لتعزيز التعاون المهني
تخلل المؤتمر سلسلة من الورشات التخصصية التي تناولت مجالات متنوعة تشمل الطب وطب الأسنان والصيدلة. إلى جانب مجالات الهندسة والطاقة والبنية التحتية، فضلًا عن موضوعات العدالة الانتقالية والعمل الاجتماعي والدعم النفسي. إضافة إلى الإعلام والسياسة والاقتصاد، والشراكات مع المؤسسات الدولية والوزارات السورية. ما أتاح مساحة واسعة لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون بين المشاركين من الداخل والخارج.
نداء مفتوح للسوريين حول العالم
اختُتم المؤتمر بنداء مفتوح إلى جميع السوريين في المهجر. يدعوهم إلى المساهمة في بناء مستقبل وطنهم من خلال التعاون المهني والإنساني. بعيدًا عن الاصطفافات السياسية، وبروح جماعية تضع الإنسان في صلب الاهتمام. وتؤمن بأن مستقبل سوريا لا يبنى إلا بسواعد أبنائها وكفاءاتها المنتشرة حول العالم.