تحتفل مؤسسة “Stiftung Warentest” هذا العام بمرور 60 عاماً على تأسيسها، وهي واحدة من أبرز وأهم المؤسسات في ألمانيا التي تقدم تقارير موثوقة تساهم في توجيه قرارات المستهلكين بشأن المنتجات والخدمات. منذ عام 1964، كانت المؤسسة تمثل صوتًا مستقلًا في مواجهة الحملات الإعلانية الكبرى التي كانت تروج للمنتجات دون مراعاة الجودة الفعلية لها، لتصبح بذلك مرجعية أساسية في سوق المستهلك الألماني.
بداية المؤسسة
في البداية، نشأت المؤسسة كمبادرة صغيرة تهدف إلى مواجهة الانفجار الكبير في الحملات الإعلانية التي تروج للمنتجات بشكل مبالغ فيه. وقد تم تأسيسها بناءً على دعوة من المستشار الألماني الأسبق كونراد آديناور، الذي كان يسعى لإنشاء كيان يقدم معيارًا واقعيًا للمنتجات والخدمات بعيدًا عن الإعلانات التي كانت تضلل المستهلكين. لم يكن الترحيب بالخطوة إيجابيًا من الشركات الكبرى التي رأت أن المستهلكين كانوا “مطلعين بشكل كافٍ عبر الإعلانات”، وفقًا لما أعلنه حينها اتحاد الصناعات الألمانية.
تطور المؤسسة وأهميتها
على الرغم من البداية الصعبة، فإن المؤسسة استطاعت أن تكتسب سمعة طيبة بين الجمهور. خاصة بعد أن بدأت في نشر تقاريرها بانتظام في المجلة الشهرية “test” التي ظهرت لأول مرة في عام 1966. واليوم، تستمر المجلة في نشر تقاريرها عبر الإنترنت أو من خلال تطبيقها على الهاتف المحمول، مما يجعلها أكثر تفاعلًا مع الأجيال الجديدة. وعلى منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام، يتابع أكثر من 220 ألف شخص أخبار المجلة، مما يعكس مدى اتساع تأثيرها في المجتمع الألماني.
الأمانة والاستقلالية
أحد العوامل الرئيسية التي ساعدت في نجاح المؤسسة هو استقلالها المالي والإداري. فهمي تعتمد على عائدات بيع تقارير الاختبارات والمجلات، مما يضمن لها الحياد وعدم التأثر بالضغوط السياسية أو التجارية. وبالرغم من أن المؤسسة كانت تتلقى دعمًا من الحكومة الألمانية في شكل منح سنوية. فقد أصبحت الآن أكثر استقلالية بعد أن تمكنت من الاستغناء عن هذه المنح هذا العام. ويُعتبر هذا الأمر خطوة مهمة في تعزيز مصداقية المؤسسة، حيث كانت تقاريرها أحيانًا تتعارض مع سياسات الحكومة أو مع المصالح التجارية لبعض الشركات.
نتائج الاستطلاعات
على الرغم من الانتقادات التي واجهتها المؤسسة من بعض الأوساط السياسية والصناعية، لكنها لا تزال تحظى بثقة واسعة في صفوف المواطنين الألمان. ففي استطلاع للرأي أجرته شركة “infratest dimap” في عام 2023، أظهر أن 74% من الألمان يثقون بشدة في تقارير المؤسسة. وهو ما يضعها في مقدمة المؤسسات التي تحظى بثقة الجمهور، متفوقة بذلك على هيئات مرموقة مثل المحكمة الدستورية الفيدرالية الألمانية.