تشير دراسة حديثة أجراها باحثون في مكتب التحقيقات الجنائية بولاية شمال الراين- فيستفاليا (NRW) إلى أن عدد ضحايا العنف اليميني المتطرف في الولاية أعلى بكثير مما كانت تشير إليه الإحصائيات الرسمية. هذه الدراسة، التي شملت مراجعة دقيقة لـ30 قضية قديمة تعود إلى الفترة ما بين 1984 و2020، أثبتت وجود فجوة كبيرة بين الأرقام المعلنة والواقع، ما أدى إلى زيادة عدد الضحايا المعترف بهم بمقدار أربعة حالات جديدة.
التحقيقات وإعادة تقييم القضايا القديمة
كانت مهمة الباحثين في هذه الدراسة مراجعة القضايا القديمة لتحديد ما إذا كانت هناك حوادث لم يتم تصنيفها بشكل صحيح كجرائم ذات دوافع يمينية متطرفة. وأثمرت هذه المراجعة عن نتائج مثيرة، حيث صُنِفت أربع حالات وفاة جديدة كجرائم يمينية متطرفة، مما يرفع العدد الإجمالي للضحايا في شمال الراين-وستفاليا منذ عام 1990 إلى 17 ضحية.
أحد أبرز الأمثلة على هذه القضايا هو حادثة القتل الثلاثي في مدينة أوفِرات عام 2003، حيث قتل أحد النازيين الجدد محامياً وزوجته وابنته. كان الدافع وراء الجريمة هو الانتقام من المحامي الذي تسبب في فقدان الجاني لأرض كان يستخدمها لعقد اجتماعات يمينية متطرفة. المحكمة التي حكمت في القضية عام 2004 أكدت في حكمها على أن الأيديولوجية النازية للجاني لعبت دورًا رئيسيًا في تنفيذ الجريمة.
صعوبة الوصول إلى جميع الملفات
ورغم الجهود المبذولة، لم يتمكن الباحثون من الوصول إلى جميع الملفات اللازمة لإعادة تقييم القضايا. بل واجهوا عراقيل إدارية وقانونية منعتهم من الاطلاع على بعض الملفات الحساسة. من بين القضايا التي لم تُحسم بعد، حادثة الحريق الذي استهدف مسكناً في كولونيا عام 1994، وأودى بحياة جاسمينكا يوڤانوڤيتش (12 عامًا) وراينا يوڤانوڤيتش (61 عامًا)، وهما من أقلية الروما. حتى الآن، لم يُعرف مرتكبو الجريمة، ولا يزال مصير هذه القضية معلقًا.
أهمية الاعتراف وتوثيق الجرائم
أكد وزير الداخلية في شمال الراين-فستفاليا، هربرت رويل، خلال تقديمه لنتائج الدراسة، أن الاعتراف بهذه الجرائم وتصنيفها بشكل صحيح كجرائم يمينية متطرفة هو أمر حيوي. وأوضح أن مثل هذه الجهود ليست مجرد إعادة تقييم للأحداث الماضية، بل هي جزء من عملية الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها، وضمان أن تُسجّل الجرائم في السجلات الرسمية تبعاً لدوافع مرتكبيها الحقيقية.
تداعيات الدراسة على السياسات العامة
تشير هذه الدراسة إلى الحاجة الملحة لتعزيز الآليات التي يتم بها تقييم وتصنيف الجرائم ذات الدوافع اليمينية المتطرفة. وفي ظل الاعتراف بأن هناك ضحايا لم يُعترف بهم من قبل السلطات، يمكن أن يكون لهذه النتائج تأثير على السياسات المستقبلية المتعلقة بمكافحة التطرف العنيف في ألمانيا، وتحسين نظام العدالة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
هذه الدراسة تؤكد مرة أخرى على أهمية البحث المستقل والتدقيق المستمر في القضايا الحساسة، لضمان تحقيق العدالة والاعتراف الكامل بجميع ضحايا العنف اليميني المتطرف.