في نوفمبر الماضي، دخل حيز التنفيذ في ألمانيا قانون جديد حمل آمالًا كبيرة لمعالجة جزء من معضلة اللجوء المتزايدة في البلاد. إذ أتاح هذا القانون للاجئين، تحويل طلبات لجوئهم إلى طلب للحصول على تصريح إقامة كعمالة متخصصة. وكانت الحكومة الألمانية تأمل أن تسهم هذه الخطوة في سد الفجوة داخل سوق العمل. ورغم التسهيلات التي قدمها القانون، أظهرت البيانات الأولية إقبالًا محدودًا للاستفادة منه.
بين الطموح والواقع!
طُبق القانون على مراحل، ووصل إلى ذروته مع إطلاق “بطاقة الفرص” في يونيو 2023، التي تسمح للعمالة المؤهلة من خارج الاتحاد الأوروبي بالدخول إلى سوق العمل الألماني دون الحاجة لعقد عمل مسبق. لكن الاستجابة كانت أقل بكثير من المتوقع. ووفقًا لاستطلاع أجرته صحيفة Welt am Sonntag كانت ميونيخ المدينة الوحيدة التي شهدت إقبالًا ملحوظًا للاستفادة من القانون، حيث تم تقديم 25 طلبًا فقط. بالمقابل، لم تشهد مدن أخرى، مثل دورتموند، أي طلبات.
العوائق التي تواجه اللاجئين!
رغم ما يبديه القانون من مرونة، إلا أن العديد من اللاجئين يواجهون عقبات كبيرة تحول دون استفادتهم من هذه الفرصة. ويعتبر الخوف من فقدان حق اللجوء القانوني أحد أكبر العوائق، إذ يشعر هؤلاء بالقلق من أن يؤدي سحب طلب اللجوء إلى فقدانهم الحماية القانونية دون ضمان الحصول على وظيفة مناسبة. علاوة على ذلك، فإن الشروط المعقدة التي يفرضها القانون، مثل ضرورة دخول البلاد قبل 29 مارس 2023، وامتلاك مؤهلات معترف بها، والإلمام باللغة الألمانية، تزيد صعوبة الاستفادة منه. إلى جانب هذه الشروط، يعاني اللاجئون من الإجراءات البيروقراطية المعقدة التي تتطلب تقديم وثائق عديدة والحصول على موافقات من جهات متعددة. ويشكل نقص الاعتراف ببعض المؤهلات المهنية التي يحملها اللاجئ عائقًا إضافيًا.
شهادات بلا قيمة!
يقول قحطان، أحد اللاجئين الذين حاولوا الاستفادة من القانون، إنه جاء إلى ألمانيا عام 2016 وكان حاصلاً على شهادة في تكنولوجيا المعلومات من جامعة اليمن. ورغم مهاراته واحتياج السوق الألماني لهذا التخصص، إلا أن السلطات لم تعترف بشهادته، ما أدى إلى فقدانه فرصة ثمينة للتوظيف في شركة تكنولوجيا كبرى.
الطريق إلى الأمام!
رغم هذه التحديات، ما تزال هناك فرص لتحسين الوضع. وينبغي على الحكومة الألمانية تبسيط الإجراءات البيروقراطية وتسريع عمليات الاعتراف بالمؤهلات الأجنبية. كما يجب تعزيز حملات التوعية بين اللاجئين حول فوائد القانون وتوفير الدعم اللازم لهم في عملية تقديم الطلبات. وتعزيز التعاون بين السلطات وأرباب العمل كونهم يلعبون دورًا حاسمًا في إنجاح هذه المبادرة.
هل القانون بحاجة إلى إعادة تقييم؟
من ناحية أخرى، يبدو أن قانون تحويل طلبات اللجوء إلى عمالة متخصصة في ألمانيا، رغم كونه خطوة بالاتجاه الصحيح، إلا انه ما يزال يعاني من عيوب بالتطبيق، ويحتاج إلى معالجة عاجلة. ويلعب الإقبال المحدود حالة من القلق وعدم اليقين بين اللاجئين، بالإضافة إلى التحديات البيروقراطية.