“لن نتوقف عن الصخب والقتال من أجل المناخ! نحن الجيل الذي يجب أن يغير العالم”. هكذا تفتتح حركة “Friday for Future” صفحتها على الإنترنت. عندما كانت إليسا صغيرة ولا تزال في المدرسة، بدأت معرفتها بظاهرة التغير المناخي. وقتها تم وصف الظاهرة من قبل معلميها على أنها ظاهرة مستقبلية، لذلك لم تُثير اهتمامها.
في يناير 2021 بدأت إليسا بالمشاركة في مظاهرات “Friday for future” وزاد اهتمامها بشكل مكثف بقضية التغير المناخي. كذلك أصبحت عضواً في مجموعة “BIPOC” وهي مجموعة فرعية مكونة من الأشخاص غير البيض، ومناهضة للرأسمالية وأكثر انتقادا للنظام بشكل عام. يتوقع البنك الدولي بحلول عام 2050 أن تغير المناخ قد يُجبر أكثر من 140 مليون شخص على الهجرة الداخلية، مما سيخلق أزمة إنسانية. تتحمل ألمانيا ما يقرب من 2% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية. حيث تحتل المرتبة السادسة ضمن قائمة العشر دول الأكثر تأثيراً في تلك الانبعاثات.
حركة “Friday for future”
بدأت حركة طلاب المدارس بالتظاهر من أجل مستقبل أفضل في ظل التغير المناخي الملموس في ديسمبر 2018. وجذبت الكثير من الطلاب حيث شاركهم أمهاتهم وأباءهم، وشهدنا مظاهرات حاشدة جابت مدن ألمانيا من ضمنها هامبورغ. في الخامس عشر من سبتمبر/ أيلول القادم ينطلق إضراب المناخ العالمي. حيث ستخرج مظاهرات كبيرة في أغلب مدن ألمانيا. في مارس/ آذار الماضي شارك حوالي 120 ألف متظاهر في إضراب المناخ في هامبورغ. بينما شارك ما يقرب من 220 ألف شخص في مظاهرات “أيام الجمعة من أجل المستقبل”.
تغيرت حياة إليسا كثيرا بعد مشاركتها بمظاهرات “Friday for future”. فقد بدأ نشاطها السياسي في سن المراهقة وهي تنتمي لعائلة تركية كردية ليس لها أي اهتمامات سياسية. كانت التجربة جديدة عليها وعلى عائلتها وتعلمت منها الكثير. خلال الأشهر الأولى تعلمت كيفية التسجل للمظاهرات وقيادتها وكيفية التفاوض والنقاش مع الشرطة. الوقوف على المسرح وإلقاء خطبة والحديث مع الصحافة، كانت جميعها تجارب جديدة. خريطة أصدقائها تغيرت فهي تقضي الآن وقتاً أطول مع نشطاء المناخ، وأتاح لها ذلك التعرف على نشطاء من جنسيات مختلفة. في أغسطس/ آب من العام الماضي أقام نشطاء المناخ كامب للتظاهر بحديقة Volkspark في هامبورغ. نظموا خلالها على مدار عدة أيام مظاهرات شارك فيها نشطاء شباب من دول مختلفة وكانت إليسا من ضمن المشاركين في التظاهرات.
جيل “Z” أكثر اهتماما بالسياسة
جيل “Z” يشمل المراهقين والشباب الذين وُلدوا بين عام 1997 و2012. وهو أول جيل ينشأ مع وجود الإنترنت والتكنولوجيا الرقمية منذ الصغر. ويُعد جيل “Z” هو عصب مظاهرات “أيام الجمعة من أجل المستقبل”. إليسا هي مثال على أبناء هذا الجيل، فالشابة التي وُلدت في هامبورغ تبلغ من العمر 21 عاماً وتدرس الكيمياء والجغرافيا في جامعة هامبورغ. اختارت هذا المجال لولعها الشديد بالكيمياء والفيزياء، مما جعلها على دراية بقضية تغير المناخ. تهتم إليسا بالتأثير الاجتماعي والاقتصادي الناتج عن التغير المناخي. تقول: “السياسيون لم يتصرفوا بشكلٍ كافٍ في الماضي للحد من التغيرات المناخية. بالنسبة لنا هنا في ألمانيا فنحن أفضل بكثير من دول أخرى تضررت، فسياستنا تقوم أيضاً على استغلال مناطق أخرى في العالم. على سبيل المثال نحن نحصل على ملابس بأسعار أقل لأنها تُصنع في دول أخرى”.
حصلت إليسا على منحة دراسية مما لا يضعها تحت ضغط العمل خلال الدراسة لتأمين احتياجاتها الشخصية. تعتبر إليسا هذا امتيازاً كبيراً مكنها من تنظيم وقتها بين الدراسة والمشاركة السياسية بشكل فعال. تقضي الشابة أسبوعياً حوالي 15–20 ساعة بين المشاركة في فاعليات واجتماعات والتجهيز للمظاهرات والمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي. تري إليسا نفسها مسؤولة باعتبارها تحمل الجنسية الألمانية، حيث تتحمل ألمانيا نسبة 2% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
خطاب الكراهية من اليمين المتطرف
المشاركة بمظاهرات المناخ وضع بعض المراهقين والشباب تحت دائرة الأضواء. فصورهم وخطاباتهم تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، مما يُعرض بعضهم لتعليقات عدائية وخطاب كراهية. كانت إليسا أيضاً مستهدفة من قبل متطرفين يمينيين لكونها ناشطة بمجال العدالة المناخية مسلمة ومحجبة. شاركت إليسا مطلع هذا العام في تظاهرات Lützerath، وقد وجدت لاحقاً فيديو لها من المظاهرة منشور على قناة يمينية متطرفة على الإنترنت. كان الفيديو يتضمن تعليقات عنصرية مليئة بخطاب الكراهية ضدها. تواصلت بعدها إليسا مع “HateAid” لاتخاذ الخطوات اللازمة لضمان سلامتها.