ربما يكون البحث عن سكن في ألمانيا أحد أهم التحديات التي تواجه القادمين الجدد، إذ لم يخطر في بال أحدهم سابقًا أن رحلة إيجاد شقة ستكون صعبة، أو أنها ستستغرق وقتا طويلا قد يتجاوز العام أحيانا!
مليون شخص دون شقق!
فرص الحصول على شقة في ألمانيا ليست بالأمر السهل! وتشير الاحصائيات عام 2021 إلى أن عدد السكان الذين ليس لديهم شقق للسكن وصل إلى حوالي مليون شخص! وهذا الرقم يشير لأزمة السكن الكارثية في البلاد، والتي تتفاقم يوميا مع ازدياد أعداد القادمين إلى ألمانيا، كما أن أزمة نقص المساكن في عموم البلاد، تؤدي لارتفاع مستمر في إيجارات البيوت، الأمر الذي يجعل عملية البحث أكثر تعقيدًا!
السكن والانتماء
من أهم ما يعزز شعور الانتماء لدى القادمين الجدد هو الاستقرار في بيت مريح، حيث يجد معظمهم صعوبة بتعلم اللغة الألمانية أو بالبحث عن عمل قبل حصولهم على سكن مناسب. ولكن أصحاب البيوت يفضلون غالبا تأجير عقارهم لأشخاص لديهم عمل ودخل ثابت! وهذا يزيد عملية البحث صعوبة، فمعظم من يسكنون بمراكز الإيواء المؤقتة لا يجدون فيها بيئة مناسبة لتعلم اللغة الألمانية أو للبحث عن عمل، جراء حالة عدم الاستقرار وما ينتج عنها من ضغوط نفسية. وبرأي الكثيرين، البيت يأتي بقمة قائمة الأولويات التي تمنحهم الاستقرار النفسي ليتابعوا بعدها رحلة الاندماج بالمجتمع الجديد. وغالبا ما يكون السؤال المطروح هنا أيهما يأتي أولا البيت أم الوظيفة؟
السكن الاجتماعي
يمكن لمن يبحث عن منزل ولا يمتلك وظيفة ويأخذ مساعدات حكومية، التسجيل في قسم السكن بالبلديات، للحصول على ورقة Wohnberichtigungsschein تمكنه من دخول لائحة الانتظار بشقق السكن الاجتماعي Sozialwohnungen والتي تكون أجرتها متناسبة مع Mietspiegel، وهي قائمة الأسعار المحددة من الجوب سنتر، فمن المعروف أن أسعار ايجارات البيوت في ألمانيا أعلى من المبلغ المخصص للإيجار بالمساعدة الحكومية. لذلك فإن بيوت السكن الاجتماعي هي الخيار الأفضل للأشخاص الذين ليس لديهم عمل ولكن المشكلة تكمن بالحصول على بيت وفق هذا التصنيف خلال فترة زمنية قصيرة! فلائحة الانتظار طويلة جدا ويجب على من يرغب بالحصول على سكن اجتماعي أن يتحلى بالصبر الجميل لأن عليه الانتظار أشهر طويلة!
خطوات البحث عن شقة
البحث عبر مواقع الانترنت ومواقع الإيجار في ألمانيا وأشهرها ImmoSout 24، هي الوسيلة الشائعة للبحث لدى الغالبية العظمى من الناس. ولكن هذه المواقع لا تضع في أغلب الأحيان أرقام هواتف المؤجرين، حيث يرى الكثيرون أن التواصل مع أصحاب البيوت يصبح أكثر صعوبة لأنهم غالبا لا يتلقون إجابات على ايميلاتهم التي يرسلونها.
في الطرف المقابل يقول أصحاب البيوت إنهم يتلقون مئات الرسائل بعد نشر الإعلان، الأمر الذي يجعل من الصعب قراءة جميع الإيميلات والرد عليها، ولذلك غالبا ما يقرؤون الرسائل التي تصلهم مباشرة بعد نشر الإعلان! الأمر الذي يجعل فرصة من أرسل رسالته متأخرا ضعيفة جدا للحصول على رد المؤجر. ولذلك فإن سرعة مراسلة أصحاب البيوت هي التي تساعد بالحصول على إجابة، الأمر الذي يشبهه البعض بالسباق!
البحث في الصحف
على الرغم من أن مواقع البحث عبر الانترنت هي الوسيلة الأكثر شيوعًا، إلا أن هناك وسائل بحث أخرى مفيدة خلال رحلة البحث، مثل الصحف الأسبوعية والتي تخصص ضمن صفحاتها قسم للإعلان عن مساكن للإيجار مع وجود رقم هاتف المالك، ما يجعل عملية التواصل أسهل وأسرع بين الطرفين، كما يمكن أيضا لمن يبحث عن منزل وضع إعلان بالصحيفة مع رقم هاتفه.
دائرة الأصدقاء والمعارف
لا يضع كل أصحاب البيوت إعلاناتهم بمواقع البحث الرقمية أو في الصحف، وهناك من يؤجرون بيوتهم عبر الاستعانة بدائرة المعارف والأصدقاء والمقربين! الأمر الذي يسير بشكل سريع ومناسب، ولذلك ينصح باللجوء لهذا الخيار خلال البحث عن سكن، فله نتائج إيجابية. كما يمكن وضع إعلان في سوبرماركت أو لوحة إعلانات الحي، وذكر أهم متطلبات الشقة الجديدة وكتابة رقم الهاتف أو عنوان البريد الإلكتروني كخيار اتصال مع صاحب الإعلان.
بالتأكيد لا توجد حلول سحرية تساعد بالحصول على شقة للإيجار في ألمانيا! ولكن المتابعة اليومية واتباع النصائح والتحلي بالمرونة والقبول بالمتاح، سيسهل عملية البحث بشكل كبير. ومن أهم النقاط هو التفريق بين الحقيقة وبين الحلم بالنسبة لمسألة السكن, فلن يحصل الجميع على بيت الأحلام ولكن سيكون بإمكانهم تأسيس حياتهم الجديدة بالوطن الجديد ضمن إطار القواعد والأسس الناظمة لهذا الأمر، والبيت هو البداية فقط!
