Foto: pixabay.com
15. سبتمبر 2020

أطالب بالمشاركة في اختيار الرئيس الأمريكي

الديموقراطية مجرد خرافة بالنسبة لمعظم الشعوب العربية، وتحديدًا سوريا! هناك دعابة تقول إن أحد الصحفيين الأمريكان قال للديكتاتور الراحل حافظ الأسد: “سيدي الرئيس في أمريكا يمكننا أن ننتقد رئيسنا دون أن نتعرض لأي مساءلة، فكيف هو الوضع في بلادك! فأجباه الأسد الأب: هنا أيضا في سوريا، يمكنك أن تنتقد الرئيس الأمريكي ولا أحد سيقول لك شيء!”.

تلخص هذه الدعابة مفهوم الديمقراطية لدى نظام قمعي كالنظام السوري! أنا شخصيًا شهدت على 6 رؤساء حكموا الولايات المتحدة خلال حياتي! من رونالد ريغن وحتى دونالد ترامب! لا أذكر كثيرًا عن فترة حكم الرئيس ريغن، لكن ما يعلق في ذاكرتي بشكل جيد هي حقبة الرئيس بيل كلينتون! لقد كانت نساء الحارة عندما يجتمعن في جلسات الثرثرة يتحدثن عن هذا الزعيم الأمريكي الجديد والوسيم! إحداهن قالت لو يمكنني المشاركة بالانتخابات الأمريكية لأعطيت صوتي لبيل كلينتون حتى يحكم للأبد! كما هو الحال في سوريا، حيث يبقى الرئيس في السلطة حتى يموت!.

بصراحة كلام تلك الجارة علق في رأسي منذ ذلك الحين، لماذا لا يمكننا كشعوب المشاركة بانتخابات الولايات المتحدة الأمريكية! نعم أنا من حقي أن أشارك في اختيار ساكن البيت الأبيض الذي ستؤثر قراراته على حياتي وحياة مئات الملايين من البشر! لماذا يحق فقط للمواطنين الأمريكان اختيار زعيمهم وهو الذي سيؤثر حكمه على كل دول العالم؟

ربما سيستفيد دونالد ترامب من أصوات كل اليمينين المتطرفين حول العالم لو أتيح لغير الشعب الأمريكي المشاركة بالانتخابات الأمريكية، خصوصاً وأن صور ترامب كانت حاضرة في التجمعات اليمينية التي شاركت في مظاهرة نهاية آب الماضي ضد إجراءات الوقاية من كورونا في برلين، وكان هناك متظاهرون يحملون لافتة كتب عليها: “سيدي الرئيس اجعل ألمانيا عظيمة مجددًا” في إشارة لشعار حملة ترامب الانتخابية! إذًا الجميع لديه قناعة أن الولايات المتحدة تقود العالم أو تؤثر فيه بشكل أو بآخر!

شخصيًا شاركت بالانتخابات الأمريكية من خلال التمني بفوز المرشح المفضل لي، وقد نجح ذلك عندما فاز باراك أوباما لمرتين متتاليتين، لكنه لم ينجح عندما تمنيت فوز هيلاري كلينتون بانتخابات 2016، لقد شعرت أنها كانت قريبة جدًا من البيت الأبيض، كنت أتابع سباق الحملة الانتخابية وأنا على ثقة كبيرة بأنها ستفوز! لكن فجأة وبخلاف التوقعات واستطلاعات الرأي، فاز الملياردير دونالد ترامب بالسباق، وسحق كل آمالي وآمال الكثيرين برؤية سيدة تحكم أمريكا لأول مرة بتاريخ البلاد! حقاً الديمقراطية أمر مبهر، إنها تفاجئنا باختيارات الناس المتقلبة للأشخاص الذين يعتقدون أنهم يخدمون مصالحهم!

أنا الآن في العقد الرابع من عمري ولم أخض تجربة المشاركة بالانتخابات ولا مرة واحدة! لا أقصد هنا الترشح لمنصب، بل مجرد المشاركة بانتخابات ديمقراطية حقيقة! في سوريا لدينا استفتاء كل 7 سنوات على استمرار الرئيس بالحكم أو عدم استمراره، وكانت النتيجة دوماً 99.99 بالمئة لصالح بقاء الرئيس العبقري بالسلطة، ومنذ 50 سنة لا نعرف سوى رئيسين هما حافظ الأسد وابنه بشار الذي دمر سوريا بمساعدة روسيا وإيران ليسحق ثورة شعبية طالبت برحيله عام 2011.

يشهد العالم اليوم توترات جيوسياسية مختلفة، في شرق المتوسط ومشكلة سد النهضة في أثيوبيا، وشبه جزيرة القرم، واغتيال أو محاولات اغتيال المعارضين الروس على يد المخابرات الروسية بسموم كيماوية، وسعي الصين للهيمنة على العالم وفرض نموذجها للسلطة، فيروس كورونا وتبعاته على مختلف البلدان، سياسات إيران وتركيا والسعودية في الشرق الأوسط، انفجار بيروت المرعب، تحركات اليمين المتطرف، ارتفاع معدلات معاداة السامية والإسلاموفوبيا، كراهية الأقليات والمثليين، وغيرها من الأمور التي تحتاج للتضامن بين أحرار العالم، هذا العالم الذي تؤثر فيه الولايات المتحدة شئنا أم أبينا.. لذلك وكحق إنساني أطالب بأن يكون انتخاب الرئيس الأمريكي متاحًا لكل شعوب الأرض، خصوصًا الشعوب المحرومة من الانتخاب في بلدانها، فربما يتذوقوا لذة الديمقراطية والانتخاب لمرة واحدة في حياتهم، وبذلك يجب تصحيح الشعار لحملة السباق الرئاسي للبيت الأبيض ليصبح: “سيدي الرئيس اجعل العالم عظيمًا مرة أخرى”.