تجارة الحشيش وتأثيرها على بعض سكان مراكز الإيواء! Foto: Abbas Aldeiri
29. يونيو 2020

تجارة الحشيش وتأثيرها على بعض سكان مراكز الإيواء!

لابد من القول أن انتشار بيع الحشيش وأنواع أخرى من المخدرات بشوارع ألمانيا، كان أمراً صادمًا للكثير من القادمين الجدد، وتحديداً السوريين والسوريات! فهذا الأمر لم يكن شائعًا في بلادهم كما هو الحال هنا! رغم ذلك تعتبر السلطات الألمانية تجارة المارجوانا والأصناف المخدرة الأخرى جريمة، وتقوم بين حين وآخر بمداهمة الأماكن التي ينتشر فيها بيع تلك الممنوعات.

اتاجر بالحشيش والحاضر يعلم الغايب!

شهد العام 2015 دخول مئات الآلاف من اللاجئين إلى ألمانيا، فسياسة الحدود المفتوحة كانت بمثابة أمل للبدء بحياة جديدة وآمنة لكل هؤلاء، لكن الأمور لم تكن بهذه السهولة. يقول يسار العوير اللاجئ السوري الذي وصل إلى ولاية الراين لاند بفالز، قبل سنوات: “عندما وصلنا إلى الكامب الموجود بضواحي مدينة ترير على الحدود الفرنسية الألمانية في الأشهر الأولى من عام ٢٠١٦، أصبت بالذهول لشدة الفوضى داخل مركز الإيواء، من جهة الحمامات والمطابخ المشتركة، واختلاف الحياة داخل المركز عن خارجه! التقاليد والعادات واللغات واللهجات، كل شيء مختلف، لكنه يهون أمام تفشي ظاهرة التعاطي والإتجار بالمخدرات، في نفس ذلك العام، كان أحد الشباب غير المعروف للجميع، يقف وسط مركز الإيواء ويصيح بأعلى صوته -يا شباب أنا أتاجر بالحشيش والحاضر يعلم الغايب- وهذه رسالة مباشرة أنه غير مكترث لأي شكوى ترفع ضده من سكان المركز”!

السرقة للحصول على المخدرات!

يتابع العوير: “بدأ هذا الشاب التاجر يبيع سجائر الحشيش للعديد من الشبان في مركز الإيواء بأسعار رمزية حتى ادمنوا، ولأن المساعدات المالية لا تكفي لتلبية متطلبات الحياة و-الكيف إن صح التعبير- انتشرت السرقات داخل مركز الإيواء، كسرقة بعض الدراجات الهوائية غالية الثمن وبيعها بسعر زهيد للحصول على المال وشراء الحشيش! والملفت في الأمر أنه وصلت عدة شكاوى بذلك اللاجئ التاجر، لكن دون جدوى! ما زاد بوقاحته وممارسته لهذه التجارة السيئة بشكل أوسع”! ويضيف العوير: “عقب شكاوى عديدة من نزلاء الكامب، تم إلقاء القبض على الشاب التاجر، بعد أن تُرك يسرح ويمرح أكثر من سنة ونصف، أوقع بتلك الفترة في شباكه عشرات الشبان الذين أدمنوا التعاطي”.

قُتل طموحه فمات بجرعة زائدة!

ليس كل المتعاطون للمخدرات يقدمون عليها لمجرد التجريب أو التسلية! يقول الشاب (عدي . أ): “في صيف 2015 وعند وصولي إلى ألمانيا الصدفة جمعتني بشاب عشريني وسيم وطامح، هكذا بدى لي الشاب (م. خ) كان يطمح لأن يصبح مهندس معماري، وبعد اتقانه اللغة الألمانية بشكل مقبول، استمر بحضور دروس اللغة الألمانية بانتظام في الجامعة، حتى وصلته رسالة من -أوني اسيست- جاء فيها أن شهادة الثانوية التي يحملها غير معترف بها في ألمانيا، هنا بدأت حياته تختلف، وأخذ الشاب يتعاطى المخدرات! كنت أتوقع أنها أيام قليلة وتعود الأمور إلى طبيعتها، لكن صديقي صار يبتعد عن جميع المعارف المشتركة بيننا وعني أيضا، ستة أشهر كانت كافية لنصعق بخبر وفاته إثر تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات، حيث وجد ميتًا في منزله بعيداً عن الجميع، ووحيداً بصحبة همومه وأحزانه التي كنت أعرفها كلها”.

أسباب الإدمان

أسباب تعاطي اللاجئين المقيمين في المخيمات الألمانية تبدو للمختصين واضحة، إلا أن طرق العلاج يجب العمل عليها لكثير من الحذر والانتباه، أمل هامبورغ سألت  الدكتورة ليندا النفوري المتخصصة بالتشخيص النفسي والعلاج السلوكي، عن أسباب وطرق العلاج من التعاطي: “يعتبر الشخص الذي يملك بنية نفسية ضعيفة وهشة أكثر تعرضاً للانحراف عن السلوكيات السوية، فحال الاشخاص القادمين من بلاد فقيرة لاتمتلك مقومات الاستقرار النفسي هو الاتجاه نحو التعاطى، وبهذه الحالة يعتبر الهروب من المشاكل في ظل تواجده بمجتمع جديد وبعيد عن مجتمعه الأصلي، فاللاجئ القادم حديثا، ويتواجد في مراكز الإيواء، يسيطر عليه الخوف والعزلة والقلق من المستقبل والواقع على حد سواء، في هذه الحالة وبشكل يقرر هذا الشخص الابتعاد والهروب من الواقع إلى عالم الحشيش ويساعده على ذلك رخص أسعارها وسهولة توفرها”.

طرق العلاج من الإدمان

الطرق التي يجب اتباعها في علاج المتعاطي طرق دقيقة وحساسة، الدكتورة ليندا تؤكد أن: “متعاطي  الحشيشة يبتعد تدريجيا عن حياته الطبيعية بعد تكراره لتناوله المخدر”الحشيشة”، وتزداد الحالة سوء عندما يفتقد الرادع الديني والأخلاقي علينا أن نعمل على ايقاذ الآنا الأعلى والجوانب الروحية عند الشخص، بالإضافة للاستمرار بعملية المراقبة والمتابعة، من خلال عملية الثواب والعقاب ودور الآنا الأعلى علينا أن نصل بالمتعاطي لطلب المساعدة للتخلص من هذه السلوك، ونؤكد على عدم الضغط والاكراه، فبعملية الضغط لا يمكن أن تنجح طريقة العلاج، بعد هذه الخطوات ننتقل للخطوة الأخيرة من عملية العلاج، وهي استرداد المتعاطي حياته الطبيعية بعد خضوعة لبرنامج علاجي سلوكي لمدة لا تقل عن ستة شهور”.