في اواخر ديسمبر الماضي تم تسجيل اول حالة اصابة بفيروس كورونا في مدينة ووهان الصينة، وفي يناير حدد العلماء الصينيون المرض الذي ارعب العالم وهز اقتصاد الدول الكبرى واطلقوا عليه اسم “كورونا”. لاحقا انتشر الفيرس كالنار في الهشيم ليصبح مشكلة عالمية، فهل يساعد هذا الوباء في توحيد العالم، ام يكون سببا اخرا للخلاف وتوسيع الهوة؟
اتسعت بؤرة انتشار هذا الوباء الفيروسي الخطير، وتضررت منه عدة دول حول العالم،مما جعل اغلبها تعلن حالة الطوارئ ومنع الرحلات والسفر الا لضرورة، اغلقت المدارس، وتوقفت الاعمال، والغيت الاجتماعات، ووصل الامر حد ظهور زعماء دول كبرى لتخاطب شعوبها وتنبههم من خطورة الوباء، كما فعلت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل عندما صرحت انها لا تستبعد اصابة 70% من سكان المانيا،وكما فعلت رئيس وزراء بريطانيا عندما حذر المواطنين منه وقال بان على الجميع ان يستعد لفقدان قريب او عزيز، الرئيس الامريكي دونالد ترامب ايضا اعلن حالة الطوارئ الوطنية في البلاد.
عمت حالة من الذعر بين المواطنين في مختلف بلدان العام، هنا في المانيا اتجه الجميع لشراء المواد الغذائية ومواد التنظيف والمعقمات حتى اصبحت محلات بيع المؤن فارغة من كل مواد التنظيف وورق الحمام وبعض الاطعمة المعلبة والمواد الاستهلاكية، والمثل حدث في اغلب دول العالم، واتجه الناس الى منازلهم من اجل الحجر في خطوة لوقف انتشار الفيروس.كما اعلن امس منع التجول في الشارع لاكثر من شخصين مجتمعين وان لا يخرج الفرد الا لضروروة منها الشراء او الاطباء ومن يخالف هذه التوجيهات التي الهدف منها الحد من منع انتشار الوباء سيتعرض لغرامة مالية والسجن ايضا .
انتشر الوباء بسرعة في دول اوروبية كثيرة، ويبدوا واضحا ان هذا الامر عائدا لاستخفاف المواطنين ونقص التوعية بالمرض وخطورته المتمثلة بسرعة انتشاره نتيجة لممارسات يمكن للجميع ان يتجنبها كالمصافحة وعدم التواجد في اماكن مزدحمة والحرص على ان تكون هناك دائما مسافة بينك وبين الشخص الذي تتواجد معه في الحافلات والقطارات والاماكن العامة، بالإضافة الى اهمية النظافة الشخصية وتعقيم اليدين. ومع استمرار انتشاره بشكل مخيف، اعلنت منظمة الصحة العالمية ان كورونا وباءا عالميا، ودعت لتكاتف الجهود لمحاربته.
وبدا واضحا ان تداعيات انتشار الوباء ليست بالهينة عندما اعلنت ايطاليا قبل ايام انها فقدت السيطرة عليه ولم تعد قادرة على تحمل اعباءه، فيما اتجهت فرنسا واسبانيا ودول اوروبية وغير اوروبية لاتخاذ تدابير صارمة لمواجهته بالزام الناس بالبقاء في منازلهم حتى ايجاد حل والسيطرة عليه، بل وصل الامر حد انزال بعض الدول قوات جيشها الى الشوارع من اجل منع أي تجول او تجمع.
بعد التأكد من خطورة كورونا على العالم باسره، ودعوة منظمة الصحة العالمية لتكاتف الجهود، اعتقد محليين بان هذا الوباء المستجد قد يشكل مدخلا لتقارب وجهات النظر ولدخول دول العالم مرحلة جديدة من العلاقة قائمة على التنسيق المشترك والاهتمام بمصلحة الانسان اولا قبل مصلحة الانظمة، اعتقادا بدده بسرعة استغلال الرئيس الامريكي دونالد ترامب لهذا الوباء الذي اصبح انتشاره السريع حدثا يحتل عناوين الاخبار وواجهات الصحف العالمية، من اجل حملته الانتخابية القادمة، ومحاولته ايضا الحصول على صفقة حصرية لشراء حقوق الملكية للقاح للفيروس من شركة “كيورفاك” الالمانية، مقابل مليار دولار على ان يتم استغلاله في امريكا فقط. تصريح ترامب اغضب البيت الالماني مما جعل برلين ترد بغضب، حيث علق وزيرالاقتصاد في حكومة ميركل، بيتر ألتماير: “ألمانيا ليست للبيع”.
كما تحدث وزير الخارجية الألماني هايكو ماس فيما يبدو انه ردا على العرض الامريكي لشراء اللقاح بالقول: “سوف نتمكن من هزيمة هذا الفيروس معا وليس ضد بعضنا بعضا”، فيما أكد الرئيس التنفيذي لشركة “كيورفاك” كريستوف هتيش، في تصريحات صحيفة أن المانيا تريد تطوير لقاح “للعالم كله وليس لدول بعينها”.
ما كان العالم بحاجته -وهو يواجه خطرا يهدد الجميع- هو تقارب وجهات النظر لزعماء الدول الكبرى وليس ان يصبح كورونا سببا جديدا للخلاف، اذ ان تبعات هذه الازمة الصحية العالمية ستكون باهظة على كافة المستويات، كما هو واضح من خطابات بعض القيادات الاوروبية كالمستشارة الالمانية انجيلا ميركل التي قالت في خطابات متعددة بان “كورونا” اكبر تحدي تمر به المانيا منذ الحرب العالمية الثانية، وكما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب متلفز وجهه للشعب الفرنسي “نحن في حرب صحية ضد فيروس كورونا”.
- سماح الشغدري – كاتبة من اليمن
- Photo: Nouh ibrahim