26. فبراير 2020

من لاجئ إلى سياسي.. فيلم ألماني يوثّق قصة نجاح سوري

كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية مصانة للجميع في القانون الألماني، مهما كان إنتمائهم أو لونهم أو دينهم. حقوقنا موجودة حولنا ونمارسها دائماً، في حياتنا اليومية، مع زملائنا بالعمل، في علاقاتنا مع الناس، وحتى بتعليقاتنا على مواقع التواصل الإجتماعي. من الجميل أن يمارس الناس حقوقهم الأساسية باستمرار في كل نواحي الحياة اليومية التي يعيشونها، جنباً إلى جنب مع الإحترام الكامل للقانون. لذلك، وكجزء من سلسلة “الحقوق الأساسية مصانة احصل عليها!” عرض المركز الثقافي في بارمبيك Zinnschmelze في الذكرى السبعين لإقرار القانون الأساسي، الفيلم الوثائقي الجبهة الأمامية– First Line” للمخرج يوناس ناهنسن ولبطل القصة السوري طارق سعد. يدور فيلم FIRSTLINE حول رحلة لجوء طارق من سوريا إلى ألمانيا، وكيف دخل بالمعترك السياسي بعد أن أصبح عضواً بالحزب الإشتراكي الديمقراطي SPD في شليسفيغ هولشتاين، وكيف نجح لاحقاً في ترأس مجموعة العمل المعنية بالهجرة والتنوع.

Sonja Engler

الفيلم صورة واقعية لقصص اللجوء

حول عرض فيلم “الجبهة الأمامية – First Line” وتفاعل الجمهور معه، قالت سونيا أنغلر Sonja Engler مديرة المركز الثقافي في بارمبيك Zinnschmelze ومُنظِّمة سلسلة الحقوق الأساسية مصانة – احصل عليها: “أعتقد بأن الفيلم يعطي صورة واقعية لقصة الهروب واللجوء الحقيقة التي حصلت مع الكثيرين من القادمين الجدد إلى ألمانيا، وهو يلقي الضوء بشكل خاص على فرصة أن يكون المجتمع متنوع ومنفتح للجميع على حد سواء. قصة طارق هي أحدى قصص النجاح التي يجب على الجميع أن يعرفها، والفيلم كان من أفضل الطرق التي أوصلت قصته للناس هنا”.

توثيق الرحلة من اللجوء إلى النجاح

أما عن الأسباب التي دعت لتوثيق قصة طارق في فيلم وثائقي، قال يوناس ناهنسن Jonas Nahnsen مخرج فيلم الجبهة الأمامية – First Line: “ما يميز طارق برأيي، هو التزامه السياسي. لقد أتى طارق من سوريا، حيث لا توجد ديمقراطية حقيقية، وبعد رحلته إلى ألمانيا، انخرط في السياسة، وانضم إلى حزب سياسي وهو يدرك أنه يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً من خلال التزامه هذا! هو لايملك الجنسية الألمانية ولا يحق له التصويت أيضاً، ولكن من خلال صوته ومشاركته في المناقشة مع السياسيين فإنه حتماً سيجلب التغيير. يمارس طارق الديمقراطية الآن في ألمانيا بكل أشكالها، هذا يُظهر لي بشكل خاص مدى أهمية ممارسة الحقوق الديمقراطية التي ينشدها كثيرون. يروي فيلم -الجبهة الأمامية– First Line- قصة مميزة لجزء من حياة طارق، كثير من الناس يجدون قصته مثيرة للإعجاب لأنه على الرغم من هروبه من بلده، ورغم كل ما عاناه هناك، لديه الكثير من القوة للعيش والمشاركة الفعالة هنا في ألمانيا”.

Jonas Nahnsen

قصص اللاجئين الإيجابية يجب أن تصل للجمهور

رداً على سؤالنا عما يميز قصة طارق، وما إن كان سيقوم بإنتاج أفلام أخرى توثق نجاحات القادمين الجدد في ألمانيا قال المخرج ناهنسين: “خلال فترة إنتاج فيلم –الجبهة الأمامية – First Line، لم أكن أرى في الأخبار ووسائل الإعلام سوى القصص السلبية عن اللاجئين، وهذا أمر مُحزن للغاية. كان الهدف من الفيلم، سرد قصة إيجابية مفعمة بالأمل للاجئ متحمس، وأعتقد أن ذلك كان ناجحاً جداً بهذا العمل. تُظهر قصة طارق الالتزام والثقة بالنفس والقدرة على الإندماج، وأعتقد أن الفكرة من الفيلم قد وصلت إلى الجمهور.. بالتأكيد أخطط لمواصلة إنتاج الأفلام الوثائقية، خاصة تلك التي تدور حول الأشخاص الناجحين الذين يثيرون الإعجاب، والذين يثيرون اهتمامي. أجد أنه من المثير معرفة المزيد عن الناس والتحدث إليهم لكي نتعلم دائماً أشياء جديدة عن الحياة”.

الفيلم فرصة لتقديم نفسي للرأي العام

عن سبب قبول طارق لتوثيق قصة لجوؤه في فيلم الجبهة الأمامية قال لموقع أمل هامبورغ: “الأسباب التي دعتني لقبول مثل هذه الخطوة كانت بسبب الأمثلة السيئة الكثيرة التي ينقلها الإعلام عن اللاجئين، والأمثلة الجيدة كانت قليلة للأسف! أحسست بمسؤولية تجاه كل الأشخاص الذين لديهم نفس وضعي، لذلك أقدمت على هذه الخطوة ولم أكن أعرف كيف ستكون ردة فعل الناس بذلك الوقت. الفيلم لم يقدم لي شيء مهم على الصعيد الشخصي، لكنه كان فرصة كبيرة لجعل الرأي العام بمقاطعتي يتحدث عني كمثال جيد للاندماج بشكل عام، وكمثال فعال في الحياة السياسية بشكل خاص”.

Tarek Saad

المسؤولية دفعتي لأكون صوتاً للمظلومين في بلدي

عن أسباب انضمامه لصفوف الحزب الإشتراكي الديمقراطي SPD قال طارق: “أصبحت عضو في حزب SPD الألماني لأنني رأيت فيه حزباً يمثل مبادئي الأساسية المتمثلة بالحرية والتضامن والعدالة الإجتماعية، إنتسبت للحزب ولم أكن أتوقع أن أنجح في مهمتي لأنني مواطن جديد في هذا البلد. مع الوقت استطعت أن أزيد ثقتي بنفسي، ودخلت الحياة السياسية ورشحت نفسي لعدة مراكز تابعة للحزب، ووجدت ما كنت أتمناه أخيراً ونجحت في الإنتخابات. هذا النجاح أعطاني ثقة كبيرة بنفسي، وبأنني أستطيع أن أفعل شيئاً هاماً هنا في المستقبل، وبالمقابل يمكن أن أكون صوتاً وداعماً للناس الذين ظلموا في بلدي. أمنيتي أن أصل في المستقبل إلى البرلمان الألماني -البوندستاغ- في برلين. هناك يمكن أوصل صوتي بشكل فعّال أكثر، ويمكنني أن أساهم في صناعة القوانين التي ربما تسهل حياة الناس في هذا البلد، وأن أشارك في وضع القوانين التي يمكن أن تكون قريبة من وجهة نظرنا”.

سأوصل صوت السوريين للسياسيين هنا

حلقة نقاش بعد عرض الفيلم

وختم طارق حديثه لأمل هامبورغ بالقول: “كيف أستطيع أن أساعد السوريين هنا بصراحة هذا السؤال صعب، لكن الشي الوحيد الذي أستطيع فعله هو أن أوصل صوتهم للرأي العام في هذا البلد المنفتح على الجميع. هذا ما أستطيع تقديمه حالياً، لكني متأكد بأنني سوف أقدم الكثير في المستقبل عندما أستطيع أن أصل لموقع يسمح لي بذلك.. كان حلمي وأنا صغير أن أصبح طياراً مدنياً، لكن بعد أن أتيت إلى ألمانيا أصبح حلمي أن أصل إلى البرلمان الألماني لكي أكون صوتاً للجاليات العربية ولأبناء بلدي”.

لمشاهدة المقطع الترويجي للفيلم يرجى الضغط هنا.

Photos: Mutaz Enjila