Photo: Wikimedia
9. أكتوبر 2019

الحرب في اليمن.. هل السلام ممكن؟

منذ خمس سنوات، واليمن السعيد لم يعد سعيداً إت فتته الحرب، وقصم الجوع ظهر مواطنيه، عندما خرجت الناس للشوارع مطالبة بانتهاء فترة حكم علي عبدالله صالح والذي استمرت 33 عام، أتت المبادرة الخليجية من دول لا تؤمن بالديمقراطية، وأفضت وقتها لانتخابات رئاسية عام 2012. عُقد فيما بعد مؤتمر الحوار الوطني والذي انتهى عام 2014، ثم استطاع “أنصار الله” الحوثيون في 21 سبتمبر/ أيلول عام 2014 السيطرة على العاصمة صنعاء، واستمر تمددهم على كافة أرجاء اليمن، وفي 26 آذار/ مارس 2015 قُصفت صنعاء من قبل التحالف العربي بحجة استعادة الشرعية لحكومة عبد ربه هادي. تأسس المجلس الانتقالي في الجنوب عام 2017، وفي 2018 جاءت اتفاقية استوكهولم التي يعتبرها اليمنييون نوع من الوهم يبيعه المجتمع الدولي لهم، فكلفة الحرب أقل من كلفة بناء السلام في اليمن، خاصة بظهور طبقات جديدة استثمرت هذه الحرب بشكل جيد.

هل السلام ممكن في اليمن؟

متحدثون خلال اللقاء

انعقدت في العاصمة الألمانية برلين ندوة نظمتها مؤسسة فريديريش ايبرت شتيبفتونغ ومركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية أمس، بعنوان “الحرب على اليمن- هل السلام ممكن؟” لمناقشة قضيتين، الأولى “تفاعلات السياسة اليمنية محلياً ودولياً”، في محاولة لطرح وجهات نظر لحل مستدام للصراع الحالي، والثانية: “الانهيار الاقتصادي وتفكك المجتمع”، علّ الألمان يستطيعوا مساعدة اليمن للخروج من مستنقع هذه الحرب.

الباحثة اليمنية والمحللة السياسية ميساء شجاع الدين وجدت أن وضع الحوثيين أفضل، حيث استطاعوا تطوير أنفسهم عسكرياً لمواجهة التحالف العربي، خاصة بعد أن قاموا بضرب شركة أرامكو، وبالنسبة للسعودية هم يد إيران الضاربة في المنطقة، وأضافت شجاع الدين: “تكشفت هشاشة التحالف وخاصة مع حكومة هادي الفاسدة وفشل آرائها.. ومن المهم الإشارة إلى أن آليات عمل السعودية مختلفة عن الامارات، اختلاف بالأساليب والكفاءات والأولويات، فقد استطاعت الامارات أن تربي حلفاء وموالين لها داخل اليمن والتعاون مستمر فيما بينهما منذ سنوات وحتى الآن، بينما السعوديه لم تفلح في ذلك حقيقة، هي تقوم بدفع الأموال لكن ليس لحلفاء دائمين في الداخل”.

لكن كيف نقرأ الرسالة التي بعثها عبد الملك الحوثي للسعودية، حين أفرج عن 290 سجينًا؟ كجزء من اتفاق تم مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف به دوليًا. تتساءل شجاع الدين قائلة: “هل هي محاوله لايجاد السلام أم أنها نتيجه انقسامات داخل الحوثيين، أو ربما محاولة لتحسين وضعه التفاوضي”، لقد استطاع الحوثي تقسيم اليمن، تقول الباحثة : “هناك طلاق بين الطرفين، فقد قسم الحوثي الشمال عن الجنوب، وحاليًا حتى الجنوب انقسم لشرق وغرب”. هل هناك امكانية للتفاوض بين إيران والسعوديه، خاصة أن الامارات قد تتفاوض مع ايران، أم ستستمر الحرب دون أفق سياسي وعسكري وسيسعون فقط لتعزيز الفوضى؟

دور الأحزاب

هناك ثلاثه أحزاب رئيسية في اليمن: حزب المؤتمر الشعبي العام وهو الحزب الحاكم بقيادة علي عبدالله صالح، فمن يريد الحصول على وظيفة حكومية عليه أن ينتمي له، لا يملك بعد أيديولوجي، لكن الامارات تدعم أطراف منه وعُمان أيضاً تدعم أطراف أخرى. ثانيًا الحزب الاشتراكي قيادته موجوده في مصر وتفتقر كوادره لأي أفق، ثالثا حزب الاصلاح والذي يعاني من الانقسامات بين أعضائه المتواجدون خارج اليمن، فكبار السن متواجدون في السعودية، أما الشباب فهم في قطر وتركيا، ومن المهم معرفة أن التمويل هو سبب الانقسامات، بالاضافة لوجود بعد مناطقي تقول شجاع الدين.

في حين ذكر الكاتب والمحلل السياسي أمين علي شندور اليافعي وجود ثلاثة مستويات من التعقيدات التي يواجهها الجنوب اليمني: “لقد تم انشاء مجلس انتقالي، يهدف للتحرر والاستقلال، والذي يعتمد على الامارات. لكن بعض التطورات كتغير الموقف الاماراتي من قطر، ومقتل علي عبد الله صالح ، ليتملص بعده من الارتباط طارق ابن أخ علي صالح بالامارات، أصبحت حاجة المجلس الانتقالي والامارات لبعضهما البعض متبادلة. مازالت هناك تحديات تواجه الجميع والقادر على الوصول الى العمق الاجتماعي وطمأنته، هو من سيحظى بالقوة في المنطقة”. وذكر الكاتب أن “السعوديه تخوض الحرب على ثلاثة محاور: مع المجلس الانتقالي والذي تدعمه الامارات، مع الحكومة الشرعيه والذين هم حلفاء قطر، حزب الإصلاح الاخواني، ومع الحوثي الذي تدعمه ايران”، وأضاف أن أي فراغ في الجنوب سيحمل تهديداً للجميع، هناك خيارات عديدة أمام الناس فإذا لم يتحقق السلام ولم تتمكن النخب من ممارسة دورها، فإن هذا الفراغ ستملأه القوى الدينية بمختلف مسمياتها، وستزداد صعوبة الوضع إن لم يستعد المجتمع المدني قدرته على العمل.

فقر وجوع وأمراض!

من أجواء الاجتماع

وفقًا للأمم المتحدة، يوجد حوالي عشرة ملايين يمني في خضم المجاعة أو على مقربة منها. ويعاني حوالي مليوني طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد. أولئك الذين يسمعون الأرقام التي ترفع بها منظمات الإغاثة ناقوس الخطر يسمعون فقط نصف المأساة. في كل يوم على اليمني أن يجيب على سؤال اذا كان سيدفع قيمة الدواء للطفل المصاب أم أنه سيشتري الخبز ليطعم باقي الأسرة. خلال وباء الكوليرا في عام 2017، ربما حوالي مليون شخص أصيبوا في اليمن. الدواء يبيعه الحوثيون للناس بدلاً من أن يقدموه مجاناً. تتحدث الخبيرة الاقتصادية أمل ناصر من مركز صنعاء للبحوث عن الوضع الانساني في اليمن نتيجة الحرب، وخسارة العملة اليمنية لقيمتها، مما يتسبب بانهيار الاقتصاد، تقول: يعتمد اليمن على استيراد 90% من المواد الغذائيه، ونتيجة الحرب هناك صعوبه بالاستيراد، لقد توقف المساعدات ثلاث سنوات، والناس تقبض نصف راتب خلال عدة أشهر، بالاضافة الى سياسة السعودة التي تنتهجها السعودية، حيث سيتأثر بها مليون عامل يمني موجود في السعوديه 70% منهم سيعودون لليمن، وبالتالي شُح في العملة الصعبة أكثر والضغط على سوق العمل في اليمن”. وتضيف أن حجم المساعدات المقدمة ليس قليل لكن على الارض هناك فساد إداري يجب مواجهته، وقد تمت الاشارة الى أن المساعدات تصل الى فئه دون غيرها، والتي تغير بدورها بميزان القوى في الداخل.

غياب الحل السياسي

وذكّر عبد القادر البنا الناشط في حقوق الانسان، ببُعد النخب السياسية المتواجدة خارجاً والمرتبط بعضها بقوى اقليمية، عن الواقع الصعب في اليمن لذلك شكك بقدرة تمثيلهم للشعب، كما قال: “لم تساعد القوى الاقليمية على تخفيف معاناة اليمنيين فمنذ 3 سنوات هناك عشر محافظات لا توجد فيها معارك فيها ومعظمها يطل على البحر، لكنها بقيت خارج أي دعم اقتصادي حقيقي، بالرغم من أنه معروف للجميع أن إدارة البلاد تتم من الخارج”، كما أكد البنا على أن بريطانيا وأميركا تعملان على ابتزاز الخليج ليس إلا، ولا تسعيان لإيجاد حلول سياسية في المنطقة، وأمل البنا بتوقف ألمانيا عن تصدير الأسلحة للسعودية والعمل على فك الحصار الاقتصادي المفروض على اليمن: “لايتأثر الحوثيين بالحصار الاقتصادي الذي يفرضه التحالف العسكري، فهم يحصلون على المال من جباية الضرائب والأتاوات التي يفرضوها على الناس”.

تستمر الحرب وكأن طريق الحل مسدود، رغم أن أطراف النزاع وقعوا في ستوكهولم اتفاقية بوساطة الأمم المتحدة، والتي تشمل وقف اطلاق النار وانسحاب الحوثيين من مدينة الحديدة الساحلية، بحيث يمكن في النهاية تفريغ وتوزيع مواد الإغاثة لجميع أنحاء البلاد، لكن تم كسر الهدنة والانسحاب لم يحدث، خاصة بعد أن أخذ الصراع مابين السعودية والحوثيين طابعاً دينياً بين السنة والشيعة.

Photo: Wikimedia – Amloud Alamir