يصادف اليوم الذكرى الـ 65 لميلاد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الشخصية الأقرب لقلوب الكثير من الناس داخل ألمانيا وخارجها، خاصة القادمين الجدد إلى البلاد. مر عام آخر من عمر المستشارة، كان حافلاً بالعديد من المحطات، ربما كان بعضها محرجاً لـ ميركل، وعندما سُئلت مؤخراً عن ذلك، أجابت: “أصبحت تدرك أنك تكبر، وأنك لا تصبح أصغر سناً، لكن أكثر خبرة، ربما لكل شيء جانب جيد”.
سيدة تجاوز الأزمات على اختلافها
استطاعت أنجيلا ميركل التعامل مع الكثير من المتغيرات السياسية وحل العديد من الأزمات الأوروبية، محاولة الحفاظ على استقرار ألمانيا وأوروبا، كالأزمة المالية عندما اضطروا إلى تقديم ضمانات للمدخرات الألمانية في أكتوبر 2008 مع وزير المالية آنذاك بير شتاينبروك، وأزمة أوكرانيا عام 2014 ، وتجدد الأزمة المالية في اليونان عام 2015، و”أزمة اللاجئين” عام 2015 أيضاً، وزيادة التهديدات الإرهابية في ألمانيا وأوروبا عام 2016.. أثبتت ميركل نفسها كمديرة للصراع، فقد امتلأت قائمة زوار مكتب المستشارية، واحتفظت برلين بالدور الأهم في المفاوضات الأوروبية. لكن السؤال الذي يتردد كثيراً مؤخراً، هل انتهت حقبة ميركل بعد 18 عامًا على رأس الاتحاد الديمقراطي المسيحي، و14 عامًا تقريبًا كمستشارة؟ أم أنها ستبقى لفترة أطول من المستشار الأول للجمهورية الاتحادية، كونراد أديناور؟!
هل ستستمر ميركل حتى نهاية ولايتها الرابعة؟
لا يستطيع أحد الكتهن ما إذا كانت ميركل ستبقى بمنصب المستشارة حتى نهاية الهيئة التشريعية الحالية عام 2021، أم أنها ستغادر مكتبها باكراً، خاصة وأنها قالت فيما مضى: “يرهقني النزول أكثر من الصعود”، لكن جسدها لا يطاوع روحها، رغم تأكيدها وفريقها الطبي على سلامتها الصحية، لكن البعض يعتقد أن المستشارة تأثرت كثيراً برحيل والدتها هيرليند كاسنر عن عمر ناهز الـ 90 عاماً في 6 أبريل/ نيسان الماضي.
أطلق الكثيرون على المستشارة اسم “موتي” أو “ماما ميركل”، هذا ما انتقده العديد من أبناء جلدتها، كون المرء يعتمد على الأم، وهذا لايصلح في بلاد ديمقراطية، ومن المرجح أن تكون جملة “نستطيع فعل ذلك” المقترنة بميركل، هي الجملة التي ستدخل التاريخ وستبقى في الذاكرة، حيث قالتها المستشارة في آب/ أغسطس 2015 أثناء “أزمة اللاجئين”، والتي قسمت البلاد بين مؤيد ومعارض لهذه الخطوة، واستمرت ذيولها حتى يومنا هذا.
ميركل شخصية ملهمة
لايخفى على أحد، أن الحكومة الائتلافية مع الاشتراكيين الديمقراطيين غير مستقرة، وحزب ميركل CDU، لديه أرقام استطلاع سيئة مؤخراً، لم يصل إليها عبر تاريخه، لكن المستشارة وككل عام، ستبدأ عطلتها الصيفية بعد وقت قصير من عيد ميلادها، وستزور مهرجان بايرويت مع زوجها، فهي بحاجة للاسترخاء والراحة بعد نوبات الارتعاش التي تعرضت لها خلال الفترة الماضية، وسيكون برفقتها كتاب للمؤلف الأمريكي سيري هوستفيت بعنوان “The Trembling Woman”
من أشد المعجبين بالمستشارة النجمة الأمريكية ميريل ستريب والتي قالت: “تعد ميركل نموذجا رائعا، تبهرني أنها تتقن مهمة قيادة ألمانيا بهذه الثقة”. هذه الثقة التي تعتمد فيها ميركل على بوصلتها الداخلية والتي لا ترتبط بنهج سياسي، وإنما متأقلمة مع الظرف السياسي الذي تكون فيه، وتعتبر ستريب أن قوة ميركل تكمن بهدوئها في معالجة المواقف الصعبة، ولا تعتبر أن ارتكاب الأخطاء سبباً يعرقل المضي قدماً، ففي احدى حملاتها الانتخابية ظهرت في سجن شتاسي، وخاطبت السجناء هناك قائلة: “يمكننا فقط تشكيل مستقبل جيد إذا تقبلنا الماضي”.
أبو الهول الألماني!
حصلت ميركل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية عام 1978، وبعد سقوط جدار برلين، بدأت بالعمل السياسي، ليرافقها لقب “فتاة كول” نسبة للمستشار الألماني في ذلك الوقت هيلموت كول، والذي كان بمثابة الأب الروحي لها. شغلت ميركل منصبين في حكومة كول، الأول وزيرة لشؤون المرأة، والثاني وزيرة للبيئة، لتصبح فيما بعد أول امرأة تحصل على منصب المستشارة في ألمانيا.
ميركل ليس لديها أطفال، ومتزوجة من يواكيم ساور، الذي التقته بأكاديمية برلين للعلوم في ألمانيا الديمقراطية، بعد انفصالها مباشرة عن زوجها الأول عام 1981، والذي احتفظت بكنيتها منه.. تقول كاتبة سيرتها الذاتية: “يمكن دائما مقارنة أنجيلا ميركل بتمثال أبوالهول في الحفاظ على أسرارها”.
Photo: EPD – Christian Ditsch